باب اللعب بالنردشير
بطاقات دعوية
عن بريدة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من لعب بالنردشير (1) فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. (م 7/ 50
ورَدَ الشَّرعُ الحَنيفُ بما يَحفَظُ على النَّاسِ عَقيدتَهم وأموالَهم وأرواحَهم؛ ولذلك نَهى عن بَعضِ الألعابِ الجاهِليَّةِ؛ بسَبَب ما يقَعُ فيها مِن الآثامِ والشُّرورِ، ولِمَا فيها مِن اعتِقاداتٍ وثَنيَّةٍ في أصلِ وَضعِها الأوَّلِ، ولِمَا فيها مِن تَضييعٍ للوقتِ الَّذي هوَ الحياةُ.
وفي هذا الحديثِ يَنْهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن اللَّعِبِ «بالنَّرْدَشِيرِ» وهو النَّرْدُ، وهوَ الزَّهرُ المعروفُ في اللَّعبِ على شَكلِ مُكعَّباتٍ على كلِّ جانبٍ مِنها رَقْمٌ أو إشاراتٌ للأرقامِ، وقدْ سُمِّي النَّردشيرَ؛ لأنَّ واضعَه -وهو مَلِكٌ مِن ملوك الفُرس- كان يُسمَّى: أَرْدَشِيرَ، وممَّا ذُكِر في سَببِ تَسميةِ هذا الملِكِ بذلك أنَّ الأسدَ شمَّه وهو صَغيرٌ ولم يَأكُلْه، وقيل: لشَجاعتِه.
والنَّرْدُ لُعْبَةٌ مَقصودُها القِمَارُ، وأكلُ المالِ بالباطلِ، مع ما فيها مِنَ الصَّدِّ عن ذِكرِ الله، وعن الصَّلاةِ، وعمَّا يُفِيدُ الإنسانَ في دِينِه ودُنياه، مع ما يَطْرَأُ فيها مِنَ الشَّحْناءِ والبَغْضاءِ، فلذلكَ نَهى عنها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقيل: لأنَّ واضِعَه الأوَّلَ وضَعَه على التَّشبيهِ باللهِ في الخَلقِ، مِن العُلويَّاتِ والسُّفلِيَّاتِ، وبالأقدارِ المقضِيَّاتِ.
ولذلك شَدَّد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في لَعِبِها وشَبَّهَ اللَّاعبَ بها بالذَّي صبَغ يَدَه في لَحمِ الخِنزيرِ ودَمِه وأكَلَهما، وهو تصويرٌ لقُبحِ ذلِك الفعلِ؛ تنفيرًا عنه، وتَشبيهٌ لتَحرِيمِه بِتحرِيمِ أَكْلِهما؛ فإنَّ هذا الفِعلَ في الخِنْزِيرِ حَرامٌ؛ لأنَّه إنَّما عَنَى بذلك تَذْكِيَةَ الخِنْزِيرِ، وهي حَرامٌ بالاتِّفاقِ؛ ولذلك لم يُختَلَفْ فيه.
وفي الحديث: النَّهيُ الشَّديدُ عن اللَّعِبِ بالنَّرْدشير، ويُلحَقُ به كلُّ ما يُقامَرُ به.