باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان 1
بطاقات دعوية
عن ابن سيرين قال: قلت لعبيدة: عندنا من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبناه من قبل أنس أو من قبل أهل أنس، فقال: لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها.
كان الصَّحابةُ والتَّابِعونُ مِن أشدِّ النَّاسِ حُبًّا لِلنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأشدِّهم الْتِماسًا وتَتبُّعًا لآثارِه.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ مُحمَّدُ بنُ سِيرِينَ أحدُ التَّابعينَ، أنَّه قال لِعَبِيدةَ -وهو ابنُ عمْرٍو السَّلْمانيُّ، مِن كِبارِ التَّابعينَ-: عِندَنا بعضٌ مِن شَعرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَوزَتِنا حَصَلْنا عليه، أعطاهُ لنا أنَسُ بنُ مَالِكٍ خادِمُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو أعطاهُ لنا أهلُه، وكأنَّه يقولُ: إنَّهم يَتبرَّكون بهذا الشَّعرِ وله مَكانَةٌ في نُفوسِهم، وكان أنَسُ بنُ مَالِكٍ ابنَ زَوجةِ أبي طَلْحةَ، وهي أُمُّ سُلَيمٍ، وقد حَصَل أبو طَلْحةَ على بَعضٍ مِن شَعرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ حُلِقَ في حَجَّةِ الوَداعِ، وبَقِيَ إلى أنْ تَوارَثَه وَرَثَتُه ومَوالِيه وكان سِيرينُ والدُ مُحمَّدٍ مَولًى لأنسِ بنِ مالكٍ، فحَظِيَ ببَعض ِهذا الشَّعرِ.فقال عَبِيدَةُ لابنِ سِيرِينَ: «لَأَنْ تكونَ عِندِي شَعرَةٌ مِنه أحبُّ إلَيَّ مِن الدُّنيا وما فيها»، فتَمنَّى عَبِيدَةُ أنْ تكونَ عِندَه شَعرَةٌ واحدةٌ مِن شَعَرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا يَدُلُّ على شَرَفِه ومَكانَتِه عندَهم، حتَّى إنَّ قِيمَتَه عندَهم أغلَى مِن الدُّنيا وما فيها، وهذا مِن شِدَّةِ حُبِّهم لِلنبيِّ الكريمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وقدْ ثبَتَ أنَّ بعضَ الصَّحابَةِ كان يَأخُذُ مِن عَرَقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويَجعَلُه في طِيبِه، وآخَرَ يَلتمِسُ أثرَ أصابِعِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الطَّعامِ؛ ليَأكُلَ مِن مَكانِه منه، وثالِثًا يَشْرَبُ مِن سُؤْرِه وبَقايا شَرابِه، هذا بالإضافةِ إلى تَتبُّعِهم السُّنَنَ والهَدْيَ النَّبوِيَّ؛ حبًّا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتبرُّكًا بآثارِه الشَّريفةِ، وهذا خاصٌّ بآثارِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَينيَّةِ.وفي الحديثِ: طَهارةُ شَعرِ الآدميِّ.وفيه: بَيانُ عَظَمةِ حُبِّ التَّابعينَ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.