باب المشى فى النعل بين القبور
حدثنا سهل بن بكار حدثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير السدوسى عن بشير بن نهيك عن بشير مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان اسمه فى الجاهلية زحم بن معبد فهاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال « ما اسمك ». قال زحم. قال « بل أنت بشير ». قال بينما أنا أماشى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بقبور المشركين فقال « لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا ». ثلاثا ثم مر بقبور المسلمين فقال « لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا ». وحانت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظرة فإذا رجل يمشى فى القبور عليه نعلان فقال « يا صاحب السبتيتين ويحك ألق سبتيتيك ». فنظر الرجل فلما عرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلعهما فرمى بهما.
( ابن سمير ) : بالتصغير ( ابن نهيك ) : بفتح النون وكسر الهاء ( عن بشير ) : هو ابن الخصاصية وهي أمه . قاله المنذري ( بينما أنا أماشي ) : أي أمشي معه هو من باب المفاعلة يقال : تماشيا تماشيا أي مشيا معا ( فقال ) صلى الله عليه وسلم : ( لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا ) : أي كانوا قبل الخير فحاد عنهم ذلك الخير وما أدركوه أو أنهم سبقوه حتى جعلوه وراء ظهورهم ( ثلاثا ) : أي قاله ثلاث مرات ( ثم حانت ) : أي قربت ووقعت ( يا صاحب السبتيتين إلخ ) : وهما نعلان لا شعر عليهما . قال الخطابي : قال الأصمعي : السبتية من النعال ما كان مدبوغا بالقرظ
قلت : السبتيتين بكسر السين نسبة إلى السبت وهو جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال لأنه سبت شعرها أي حلق وأزيل ، وقيل لأنها انسبت بالدباغ أي لانت ، وأريد بهما النعلان المتخذان من السبت ، وأمره بالخلع احتراما للمقابر عن المشي بينها بهما أو لقذر بهما أو لاختياله في مشيه . قيل : وفي الحديث كراهة المشي بالنعال بين القبور ، ولا يتم ذلك إلا على بعض الوجوه المذكورة قاله السندي
وفي النيل : وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها وقال ابن حزم : يجوز وطء القبور بالنعال التي ليست سبتية لحديث إن الميت يسمع خفق نعالهم وخص المنع بالسبتية وجعل هذا جمعا بين الحديثين
وهو وهم لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على قبر أو بين القبور فلا معارضة
وقال الخطابي : إن النهي عن السبتية لما فيها من الخيلاء ، ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها انتهى
قال العيني : إنما اعترض عليه بالخلع احتراما للمقابر ، وقيل لاختياله في مشيه وقال الطحاوي : إن أمره صلى الله عليه وسلم بالخلع لا لكون المشي بين القبور بالنعال مكروها ، ولكن لما رأى صلى الله عليه وسلم قذرا فيهما يقذر القبور أمر بالخلع انتهى
قال المنذري : والحديث أخرجه النسائي وابن ماجه