‌‌باب الإمام يصلي من قعود

‌‌باب الإمام يصلي من قعود

حدثنا القعنبي، عن مالك، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو جالس، فصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا»

لصلاة الجماعة ضوابط وقواعد ينبغي مراعاتها وتعلمها، ومن أهم هذه القواعد الاقتداء التام بالإمام؛ فإنما جعل الإمام ليؤتم به

وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بيته وهو مريض بسبب سقوطه عن فرسه، كما في رواية أنس بن مالك رضي الله عنه في الصحيحين، ولم يستطع الوقوف بسبب مرضه هذا، فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أثناء صلاته أن يجلسوا، فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: إنما جعل الإمام ليقتدى به في أفعاله في الصلاة، ومن ثم فلا ينبغي الاختلاف عليه بالتقدم عليه، أو التأخر عنه؛ «فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا»، أي: فاتبعوه في ركوعه ورفعه من الركوع، وكذا في سائر أفعال الصلاة، والفاء هنا للتعقيب، وتدل على أن المأموم لا يسبق الإمام، وإنما كل ما يفعله المأموم يكون عقب أفعال الإمام، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا مثله، ويدل هذا على أن الاقتداء بالإمام أيضا يكون في الصلاة جلوسا إذا صلى الإمام جالسا، وقد ورد في حديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخير أنه صلى إماما جالسا والناس قيام خلفه: «... فجعل أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والناس بصلاة أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد...»، وأجيب عن ذلك بأن أبا بكر ابتدأ بهم الصلاة قائما ولم يبتدئ بهم جالسا، فإذا عرض الجلوس للإمام أثناء صلاته وقد بدأ الصلاة قائما، أكمل المأموم صلاته قائما، وبهذا يجمع بين الحديثين. وقيل: إن الأمر بالجلوس خلف الإمام الجالس منسوخ بفعله صلى الله عليه وسلم الأخير في هذا الحديث؛ لأنه هو المتأخر قبيل وفاته صلى الله عليه وسلم

وفي الحديث: الأمر بالاقتداء بالإمام، وترك التقدم عليه، بالسبق أو المخالفة

وفيه: مشروعية الإشارة والحركة الخفيفة للضرورة أثناء الصلاة