باب المضمضة والاستنشاق

سنن النسائي

باب المضمضة والاستنشاق

أخبرنا سويد بن نصر قال أنبأنا عبد الله عن معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن حمران بن أبان قال : رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه اليمنى إلى المرفق ثلاثا ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم توضأ نحو وضوئي ثم قال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه 
قال الشيخ الألباني : صحيح 

حرَصَ الصحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على نقْلِ سُنَّةِ رسولِ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لِمَن بَعدَهم، وكذلك حرَصَ التابِعون رحِمَهم اللهُ على أخْذِ العِلمِ عن الصَّحابةِ

وفي هذا الحديثِ يَحكِي حُمرانُ بنُ أبانَ مولى عُثمانَ بنِ عفَّانَ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه تَوَضَّأ"، أي: وُضُوءَه للصَّلاةِ، "فأَفْرَغَ على يدَيْهِ ثلاثًا"، أي: صَبَّ على كَفَّيْهِ الماءَ ثَلاثَ مرَّاتٍ، "فغَسَلَهُما، ثُمَّ تَمَضْمَضَ"، أي: بَعْدَ غَسلِه لِيَدَيْهِ، و"المَضْمَضَةُ": تحريكُ الماءِ فِي الفَمِ وإدارَتُه فِيهِ ثُمَّ إلقاؤُه، "واسْتَنْثَرَ" الاسْتِنْثَارُ: إخراجُ الماءِ مِنَ الأَنفِ بَعْدَ إدخالِه، وبَعْدَ الاستِنثارِ "غسَل وجهَه ثلاثًا، أي: ثلاثَ مرَّاتٍ، وغسَل يدَه اليُمْنَى"، أي: ذِرَاعَه الأَيْمَنَ "إِلَى المِرْفَقِ ثلاثًا"، و"المِرْفَقُ": المِفْصَلُ الَّذِي فِي مُنتَصَفِ الذِّراعِ، "ثُمَّ اليُسْرَى مِثْل ذَلِكَ"، أي: غسَل يدَه اليُسْرَى إِلَى المِرْفَقِ ثلاثَ مرَّاتٍ، "ثُمَّ مَسَح رَأْسَه"، أي: مسَح بالماءِ على رَأْسِه، "ثُمَّ غسَل قَدَمَهُ اليُمْنَى ثلاثًا، ثُمَّ اليُسْرَى مِثْل ذَلِكَ" ، أي: وغسَل رِجلَه اليُسْرَى بَعْدَ أنْ غَسَلَ اليُمْنَى ثلاثَ مرَّاتٍ
ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ بَعْدَ أن فَرَغ مِن وُضوئِه: "رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضوئِي هذا" وَهذا إشارةٌ مِنْهُ رَضِيَ اللهُ عنه إِلَى تحرِّيهِ مُطابَقَةَ وُضوئِه لِوُضُوءِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم، "ثُمَّ قَالَ"، أي: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: "مَن تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضوئِي هذا"، أي: دونَ تَقصِيرٍ أو مُبالَغَةٍ، "ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يحدِّثُ فيهما نفسَه"، أي: خاشِعًا لله لَا يُهِمُّه مِن أمرِ الدُّنيَا شَيْءٌ؛ "غَفَر الله لَهُ ما تقدَّم مِن ذَنبِه"، أي: مَحَا ما كَانَ عَلَيْهِ مِن سيِّئاتٍ
وفي روايةٍ أُخرَى: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم قَالَ بَعْدَ انتهائِه مِنَ الوُضُوءِ: "مَن تَوَضَّأَ دونَ هذا"، أي: بأَنْ غسَل أعضاءَه مَرَّةً أو مرَّتَيْنِ لَا ثلاثًا، "كَفَاهُ"، أي: صَحَّ وأجْزَأَهُ وُضوءُه، ولم يُذْكَرْ فِي تِلكَ الرِّوايَةِ أمرُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الوُضُوء
وفِي هذا الحَدِيثِ: الحثُّ على تَرتِيبِ غَسلِ الأعضاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ كفِعلِه صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم، وحَضُّ مَن تَوَضَّأ كوُضوئِه صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم المذكورِ أن يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ راجيًا بِهَا ربَّه أن يَغفِرَ لَهُ