باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم19

سنن الترمذى

باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم19

حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا عقبة بن خالد قال: حدثنا شعبة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال أبو بكر: «ألست أحق الناس بها؟ ألست أول من أسلم؟ ألست صاحب كذا، ألست صاحب كذا؟». هذا حديث قد رواه بعضهم عن شعبة، عن الجريري، عن أبي نضرة، قال: قال أبو بكر، وهذا أصح حدثنا بذلك محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن الجريري، عن أبي نضرة، قال: قال أبو بكر، فذكر نحوه بمعناه. ولم يذكر فيه عن أبي سعيد، وهذا أصح

لأصحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَضائلُ جمَّةٌ، وقد كان لبعضِهم مناقِبُ تُميِّزُه عن غَيرِه من الصَّحابةِ، وكان أبو بكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنه في الذِّروةِ من الشَّرفِ، بشَهادةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإجماعِ الصَّحابةِ والأُمَّةِ مِن بعدِهم على ذلك.
وفي هذا الخبرِ يَحكي أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ أبا بكرٍ رضِيَ اللهُ عنه قال: "ألسْتُ أحقَّ النَّاسِ بها؟" أي: أحقَّ النَّاسِ بالخِلافةِ بعدَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "ألسْتُ أوَّلَ مَن أسلَمَ؟" أي: أوَّلَ مَن أسلَمَ من الرِّجالِ، "ألسْتُ صاحِبَ كذا، ألسْتُ صاحِبَ كذا؟" يُعدِّدُ مَناقِبَه وفضائلَه الَّتي يعلَمُها المُسلِمون جميعًا من المُهاجرينَ والأنصارِ؛ وذلك أنَّهم قد اجْتَمعوا في سَقيفةِ بني ساعِدةَ بعدَ موتِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لاختيارِ خليفةٍ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقومُ على أمْرِ الأُمَّةِ، فاخْتَلفوا، فقدَّمَ عمَرُ أبا بكرٍ وبايَعَه، ثمَّ بايعَه النَّاسُ من المُهاجِرين والأنصارِ، واجتمَعَتْ كلمةُ الأُمَّةِ عليه، ولعلَّ أبا بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنه قال ذلك ليَقطعَ به طريقَ الخِلافِ بين المهاجِرينَ والأنصارِ، وقد ظهرتْ بَوادرُه في السَّقيفةِ، وليُؤكِّدَ على أنَّه قَبِلَ اختيارَهم له لتولِّي الخِلافةِ، وأنَّه كما كان أوَّلَ مَن أسلمَ وأوَّلَ مَن فعَل أُمورًا كثيرةً في الإسلامِ؛ ابتغاءَ وجهِ اللهِ تعالى، فإنَّه أَوْلَى مَن يكونُ خَليفةَ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لسِياسةِ الناسِ في أُمورِ دِينِهم ودُنياهم.
وفي الحديثِ: بَيانُ بعضِ مَناقبِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنه، وأنَّه أوَّلُ مَن أسلَمَ.
وفيه: أنَّ للمُسلِمِ أنْ يُعدِّدَ فضائِلَه ويُعْلِمَ النَّاسَ بمَكانتِه؛ للحاجةِ ولِيتولَّى أمْرًا هو أهْلٌ له، وذلك دونَ رِياءٍ.