باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم8-2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا المسعودي، عن عثمان بن مسلم بن هرمز، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن علي، قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير شثن الكفين والقدمين، ضخم الرأس، ضخم الكراديس طويل المسربة، إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم». هذا حديث حسن صحيح. حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا أبي، عن المسعودي، بهذا الإسناد نحوه
خَصَّ اللهُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بجمالِ الخِلقةِ، وكَمالِ الخُلُقِ، وكان مِن أثَرِ ذلك أنَّ القُلوبَ اجتمعَتْ على حبِّه وإجلالِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يَصِفُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيقولُ: "لَمْ يكُنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالطَّويلِ ولا بالقصيرِ"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان معتدلًا، ليس فيه طولٌ مُفرِطٌ، ولم يكُنْ قصيرًا متناهيًا في القِصَرِ عمَّن حولَه، "شَثْنَ الكفَّينِ والقدَمينِ"، أي: فيهما غِلَظٌ وقِصَرٌ، وقيل: في أصابعِه غِلَظٌ وليس فيه قِصَرٌ، فيكونُ اللِّينُ في جِلدِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والغِلَظُ يكونُ في العِظامِ، فيكونُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نعومةُ البدَنِ مع قوَّتِه "ضَخْمَ"، أي: كبيرَ وعظيمَ "الرَّأسِ، ضَخْمَ" عظيمَ "الكَرَادِيسِ"، وهي اجتماعُ كلِّ عَظْمينِ ضَخْمين، مِثْلِ الرُّكبتَيْنِ، والمَنْكِبَيْنِ، "طويلَ المَسْرُبةِ"، والمَسْرُبةُ هي الشَّعَرُ الدَّقيقُ الَّذي يكونُ مِن الصَّدرِ حتَّى السُّرَّةِ.
قال عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه: "وكان صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إذا مشَى تكَفَّأ"، والتَّكفُّؤُ هو التَّمايُلُ في المشيِ إلى الأمامِ، "تكفُّؤًا كأنَّما انحَطَّ"، أي: كأنَّه ينحدِرُ "مِن صَبَبٍ"، وهو المكانُ المنحَدِرُ مِن الأرضِ، والمعنى أنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يُسرِعُ في مَشيِه، ثمَّ قال عليٌّ رَضِي اللهُ عَنه: "لم أرَ قبْلَه"، أي: لم أُشاهِدْ قبْلَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رجُلًا مِثلَه في حُسنِ خِلقَتِه وخُلقِه "ولا بعْدَه مِثْلَه"، ولا رأَيْتُ بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحدًا يُشبِهُه في كَمالِ خِلْقتِه وخُلقِه.