باب النظر في الصلاة
حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، أن أنس بن مالك، حدثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم»، فاشتد قوله في ذلك فقال: «لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم»
الأولى للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده؛ فهذا أسلم لصلاته، وأبعد من الاشتغال بغيرها، وأكف لبصره، وأجمع لقلبه، وأقرب للخشوع في الصلاة
وفي هذا الحديث يحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من النظر إلى السماء أثناء الصلاة، بأسلوب هو غاية في الشدة، وغاية في الأدب في الوقت نفسه؛ فيقول: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟!» أي: ما حالهم وشأنهم؟ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؟ فلا يصرح بأسمائهم؛ سترا لهم، ورفعا للحرج والفضيحة عنهم، وإنما يذكر مراده دون التصريح بأسمائهم، فيعلمون مقصده صلى الله عليه وسلم، ويمتثلون لأمره، وتوعد صلى الله عليه وسلم من يرفع بصره إلى السماء في الصلاة بقوله: «لينتهن عن ذلك، أو لتخطفن أبصارهم»، ومعناه: إما أن ينتهوا عن هذا الفعل، أو يخطف الله أبصارهم فلا ترجع إليهم، والذي هو العمى، ويظهر فيه النهي الأكيد والوعيد الشديد في ذلك.وسبب النهي عن رفع البصر إلى السماء أثناء الصلاة: أن فيه نوعا من الإعراض والالتفات عن القبلة التي اختارها الله عز وجل للمصلي، وخروجا عن هيئة الصلاة
وفي الحديث: بيان الوعيد الشديد لمن يرفع بصره إليها بخطف بصره.وفيه: تغليظ القول في زجر مرتكب المنكر؛ ليرتدع عن ذلك
وفيه: عدم التصريح بذكر اسم مرتكب الذنب عند الزجر