باب النفل1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن زيد بن جارية
عن حبيب بن مسلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل الثلث بعد الخمس
لَمَّا كان الجِهادُ مِن أعظَمِ أعمالِ الدِّينِ، وذِروةَ سَنامِ الإسلامِ، جعَل اللهُ سبحانه وتعالى فيه أعظمَ الأجرِ وأجزلَ العطاءِ في الدُّنيا والآخِرَةِ؛ ففي الدُّنيا الغَنيمةُ والنَّصرُ أو الشَّهادةُ، وفي الآخرةِ الجنةُ ونعيمُها.
وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان "يُنفِّلُ الرُّبعَ"، مِن النَّفَلِ، والنَّفَلُ هو الزِّيادة، والرُّبعُ، أي: رُبعُ الغنيمةِ الَّتي يَغْنَمونها بعدَ الانتصارِ في المعاركِ، والمقصودُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزيدُ بعضَ الجيشِ زيادةً بمِقْدارِ الرُّبعِ مِنَ الغَنيمةِ، "بعدَ الخُمُسِ"، أي: بعدَما يُقسِّمُ الغنيمةَ خمسةَ أجزاءٍ، "والثُّلُثَ"، أي: ويُعطي ثُلُثَ الغَنيمةِ أيضًا، ويَخُصُّ بها بعضَ الجيشِ، "بعدَ الخُمُسِ"، أي: بعدَما يُقسِّمُ الغنيمةَ خمسةَ أجزاءٍ، "إذا قفَلَ"، أي: إذا رجَعَ مِنَ الغَزْوِ، والمقصودُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَخُصُّ بعضَ الجيشِ بزيادةٍ بمقدارِ الرُّبُعِ في حالِ الغَزْوِ، وبمقدارِ الثُّلُث بعدَ رجوعِه مِن الغَزْوِ؛ وذلك مِن أجلِ مَخاطرَ قد قابَلَتْهم، أو مِن أجلِ بُطولاتٍ قاموا بها، وهكذا.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تقديرِ وتمييزِ المُتْقِنين.