باب النهي أن يتخذ الخمر خلا2
سنن الترمذى
حدثنا عبد الله بن منير، قال: سمعت أبا عاصم، عن شبيب بن بشر، عن أنس بن مالك قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له ": هذا حديث غريب من حديث أنس وقد روي نحو هذا عن ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
حرَّم الشَّرعُ كلَّ أنواعِ الخمْرِ وكلَّ ما أذهَبَ العقلَ وغيَّبَه، كما حرَّم الأسبابَ والوَسائلَ المؤدِّيةَ إلى نشرِها.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رَضي اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "لُعِنَت الخمْرُ على عَشَرةِ أوجُهٍ"، واللَّعنُ هنا بمعنى التَّحريمِ، والتَّحريمُ هنا يَشمَلُ عشَرةَ أمورٍ متعلِّقةٍ بها، الأوَّلُ: "بعَيْنِها"، أي: هي بذاتِها محرَّمةٌ، والثَّاني: "وعاصِرِها"؛ وهو مَن يقومُ بصِناعتِها وعصْرِها مِن أيِّ مادَّةٍ كانت، والثَّالثُ: "ومُعتصِرِها"؛ هو مَن يَطلُبُ عَصْرَها مِن العاصِر، سواءٌ كان صاحِبَها أو أجيرًا عندَه يَحمِلُها فقط، والرَّابعُ: "وبائعِها"، أي: الَّذي يَبيعُ الخمْرَ، والخامِسُ: "ومُبتاعِها"، وهو مَن يَشتريها لِنَفسِه أو لغيرِه، والسَّادسُ: "وحاملِها"، أي: النَّاقِلِ لها، والسَّابعُ: "والمحمولَةِ إليه"، أي: المنقولَةِ إليه، والثَّامِنُ: "آكِلِ ثَمنِها"، وهو مَن يأكُلُ مِن ثمَنِها مِن بيعِها، يأخذُ أُجرةً على عمَلِه وهو يَعلَمُ أنَّ مصدرَ المالِ مِن بَيْعِها، والتَّاسعُ والعاشِرُ: "شارِبِها" وهو مُتعاطِيها، "وساقِيها"، وهو الَّذي يُقدِّمُها ويَصُبُّها للغيرِ لِيَشرَبَها.
وهذا كلُّه مِن بابِ سَدِّ الذَّرائعِ والسُّبلِ أمامَ نشْرِ الخمْرِ؛ فلم يَترُكِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بابًا يتعلَّقُ بها إلَّا وأغلَقه وحرَّمه؛ لأنَّ الخمْرَ أمُّ الخبائثِ وتدفَعُ إلى عمَلِ كلِّ المحرَّماتِ والموبقاتِ؛ فاشتدَّ التَّحريمُ في أمْرِها لذلك.