باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن 3
سنن ابن ماجه
حدثنا سهل بن أبي سهل وجميل بن الحسن، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر
سمع جابر بن عبد الله يقول: كانت يهود تقول: من أتى امرأته (1) في قبلها، من دبرها، كان الولد أحول. فأنزل الله سبحانه: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} [البقرة: 223] (2).
إنَّ مِن عظَمةِ هذا الدِّين ومَحاسِنِه أنَّه ما ترَكَ لنا شيئًا إلَّا وبيَّنه لنا، حتَّى ما يَتعلَّقُ بالمعاشَرةِ الزَّوجيةِ، كما قال تعالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]، وهذا ممَّا يدُلُّ على شُموليَّةِ هذا الدِّينِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ جابرُ بنُ عبد اللهِ رضيَ الله عنهما أنَّ اليهودَ كانت تَقولُ: إذا جامعَ الرَّجُلُ امرأتَه مِن ورائِها في مَوضِعِ الحَرثِ (القُبُل)، جاء الولدُ أحوَلَ، فأنزَلَ اللهُ تعالَى قَولَه: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]؛ تكذيبًا لهم، فأباح للرِّجالِ أن يَتمَتَّعوا بنِسائِهم كيف شاؤوا، أي: فأْتوهنَّ كما تَأتون أرضَكم التي تُريدون أنْ تَحرُثوها مِن أيِّ جِهةٍ شِئتُم، لا يُحظَرُ عليكم جِهةٌ دونَ جِهةٍ، والمعنى: جامِعوهنَّ مِن أيِّ شِقٍّ أردتُم بعْدَ أنْ يكونَ المأتيُّ واحدًا، وهو مَوضِعُ الحَرثِ، وهذا من الكنايات اللَّطيفةِ والتَّعريضات المُستحسَنة، وقيَّد بالحرثِ لِيُشيرَ إلى عدَم تجاوُزِ مَوضِعِ البَذرِ ألبتَّةَ، فلا يجامِعُها في دُبُرِها.
وفي الحَديثِ: عِنايةُ الإسلامِ بالأُمورِ الدَّقيقةِ التي يَحتاجُ إليها كلُّ فرْدٍ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن مُجاوَزةِ الجِماعِ في القُبلِ.