باب النهي عن إقامة الحدود في المساجد2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن رمح، حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن محمد بن عجلان أنه سمع عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه
عن جده، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلد الحد في المسجد
بُنِيَتِ المساجِدُ لِذِكْرِ اللهِ تعالى وإقامةِ الصَّلاةِ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "لا تُقامُ الحُدودُ في المساجدِ"، أي: نَهَى أنْ تُقامَ الحدودُ –كالرَّجْمِ، أو القَطْعِ، أو الجَلْدِ- في المساجِدِ؛ وذلك لاحتمالِ أنْ يُصيبَ المسجِدَ شَيءٌ مِنَ اللَّغَطِ والأوساخِ الَّتي لا تَليقُ بذاتِهِ وطهارتِهِ، أو يَقْطُرَ فيه الدَّمُ، ولأنَّه للصَّلاةِ والذِّكرِ- كما قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، ولا يُفعَلُ فيه ما يَفعلُه النَّاسُ في بُيوتِهم أو شوارعِهم ونَحوِ ذلك؛ ولأنَّ في ذلك هَتْكًا لحُرمةِ المسجدِ، ولكنْ إذا أُقيمَ الحدُّ أو القِصاصُ في المسجدِ سقَطَ الحَدُّ عن المحدودِ.
وقولُه: "ولا يُقادُ بالولَدِ الوالِدُ" القَوَدُ: هو القِصاصُ: والمَعْنى: لا يُقْتَصُّ والِدٌ بقَتْلِ وَلَدِه، بلْ عليهِ الدِّيَةُ؛ لأنَّ الوالِدَ هو السَّبَبُ في إيجادِ الولدِ، فلا يكونُ الولدُ سَببًا في إعدامِ والدِه.
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى تَنزيهِ المساجِدِ وتَعظيمِها، وصِيانتِها عن كلِّ ما يُدنِّسُها مِن الأقوالِ والأفعالِ، وأنَّها ليستْ مِثلَ بُيوتِ الناسِ وطُرقاتِهم.