باب: النهي عن التبتل 5
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي، قال: حدثنا أبو سعيد، مولى بني هاشم، قال: حدثنا حصين بن نافع المازني، قال: حدثني الحسن، عن سعد بن هشام، أنه دخل على أم المؤمنين عائشة، قال: قلت: إني أريد أن أسألك عن التبتل، فما ترين فيه؟ قالت: " فلا تفعل، أما سمعت الله عز وجل يقول: {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية} [الرعد: 38] فلا تتبتل "
لقدْ نَهَى الإسلامُ عن التَّبتُّلِ والزُّهدِ الَّذي يقطَعُ الإنسانَ عن دُنياه؛ فقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يصُومُ ويُفطِرُ، ويُصلِّي ويَنامُ، ويَتزوَّجُ النِّساءَ، ويُحذِّرُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن مخالفتِه بقولِه: فمَن رغِبَ عن سُنَّتي، فليس منِّي
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ سَعدُ بنُ هِشامٍ التَّابعيُّ: أنَّه دخَل على أمِّ المؤمنينَ عائشةَ قال: "قلتُ: إنِّي أُريدُ أن أسأَلَكِ عنِ التَّبتُّلِ"، أي: عن حُكمِ التَّبتُّلِ، وهو: ترْكُ الزَّواجِ، والانقطاعُ إلى العِبادةِ، "فما ترَيْنَ فيه؟"، أي: ما عِلمُكِ في حُكمِه؟ فقالت عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: "فلا تفعَلْ"، أي: لا تَتبتَّلْ، ثمَّ ذكَرَتْ عائشةُ سببَ نَهْيِها له، فقالَتْ: أمَا سمِعْتَ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38]، أي: كانوا يأتونَ الزَّوجاتِ، ويُولَدُ لهم، مع ما حمَلوا مِن الرِّسالةِ وكُلِّفوا بالدَّعوةِ، "فلا تتبتَّلْ"؛ تأكيدًا له على النَّهيِ بألَّا يفعَلَ ذلك؛ لأنَّه مُخالِفٌ لهَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والأنبياءِ السَّابقينَ
وفي الحديثِ: أنَّ الإسلامَ دِينُ تَعميرٍ للحياةِ
وفيه: أنَّ الرَّهبانيَّةَ ليسَتْ مِن الإسلامِ