باب النهي عن التخصر في الصلاة 2
سنن النسائي
أخبرنا حميد بن مسعدة، عن سفيان بن حبيب، عن سعيد بن زياد، عن زياد بن صبيح قال: صليت إلى جنب ابن عمر، فوضعت يدي على خصري فقال لي: هكذا ضربة بيده، فلما صليت قلت لرجل: من هذا؟ قال: عبد الله بن عمر: قلت يا أبا عبد الرحمن ما رابك مني؟ قال: «إن هذا الصلب، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عنه»
الصَّلاةُ عِبادةٌ تَوقيفيَّةٌ، وهي صِلةٌ بين العَبدِ وربِّه؛ فيَنبغي أنْ يَقِفَ فيها المسلمُ خاشعًا خاضعًا لِلهِ تعالى، وبهيئةٍ تدلُّ على ذلك، وقد نَهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن هَيئاتٍ في الصَّلاةِ تُنافي التذلُّلَ للهِ ولا تَليقُ بالصَّلاةِ، ومِن تلك الهيئاتِ
ما جاءَ في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ زِيادُ بنُ صُبَيحٍ: "صلَّيْتُ إلى جَنْبِ ابنِ عُمَرَ، فوَضَعْتُ يَدِي على خَصْري"، والخَصْرُ هو ما بَيْنَ الوَرِكَيْنِ، وأسفَلِ الأضلاعِ، "فقال لي: هكذا- ضرَبةً بيدِه-"، أي: منَعَه ونهاه عن هذا الفِعلِ بيدِه، قال زيادٌ: "فلمَّا صلَّيْتُ"، أي: أنهَيْتُ صلاتي، "قُلْتُ لرجُلٍ: مَن هذا؟!"، أي: سأَلْتُ أحدَ الرِّجالِ عنِ الَّذي ضرَبني مَن هو؛ فلعَلَّه لم يَرَه وهو يضرِبُه، أو لم يَرَ ابنَ عُمرَ قبْلَ ذلكَ، والظَّاهرُ: أنَّه يعرِفُه، ولكن لم يَرَه؛ لذَهابِه إليه مُباشَرةً بعدَ عِلمِه به، كما سيأتي، فقال الرَّجُلُ: "عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ"، قال زِيادٌ: "قُلْتُ: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ"، وهي كُنيةُ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما، "ما رَابَكَ منِّي"؟ أي: ما الَّذي ساءَكَ منِّي؟ فقال ابنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما: "إنَّ هذا الصَّلْبُ، وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نهانا عنه"، أي: إنَّ وَضْعَكَ يدَك في الصَّلاةِ على خَصْرِكَ هو الصُّلبُ الَّذي هو على هيئةِ الصَّليبِ الخاصِّ بالنَّصارَى، وقد نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن تلكَ الهيئةِ في الصَّلاةِ، وشُبِّهَ بالصَّلبِ؛ لأنَّ المصلوبَ يمُدُّ يدَه على الجِذْعِ، وهيئةُ الصَّلْبِ في الصلاة أنْ يَضعَ يَديهِ على خاصرَتيهِ، ويُجافي بين عَضُديهِ في القَيام
وفي الحديثِ: النهيُ عن الهيئاتِ المُستقبَحةِ في الصَّلاةِ، ومنها الصلبُ؛ لِمَا فيه من التشبُّهِ بصليبِ النصارَى
وفيه: الإنكارُ على المُصلِّي إذا أخطأَ، وإنْ كان داخلَ الصَّلاةِ، ولا يلزمُ أن يَنتظِرَ حتى يُسلِّمَ