باب الرخصة في دخول الحمام
سنن النسائي
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن عطاء عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر
قال الشيخ الألباني : صحيح
على المُؤمِن الصادِقِ أنْ يكونَ دائمًا وقَّافًا عندَ حُدودِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ولا يَتجرَّأُ على الإقْدامِ على المُحرَّماتِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ"، أي: مَن كان يُؤمِنُ باللهِ الَّذي خَلَقَهُ إيمانًا كامِلًا اعتقادًا وعَمَلًا، ويُؤمِنُ باليومِ الآخِرِ الَّذي إليهِ مَعادُه، وهذا أُسلوبُ تَرْغيبٍ وتَرْهيبٍ للنَّهيِ عن فِعْلٍ، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فلا يَدخُلِ الحَمَّامَ بغَيرِ إزارٍ"، أي: لا يَدخُلِ الحَمَّامَ بغَيرِ إزارٍ يَستُرُ عَورَتَه، والمُرادُ بالحمَّامِ: المكانُ العامُّ الذي يُجتمَعُ فيه الرِّجالُ أو النِّساءُ للاستِحمامِ، لأنَّ مِثلَ تلك الحمَّاماتِ مَحِلٌّ لتكشُّفِ العَوْراتِ، والرَّجُلُ والمرأةُ مَأْمورانِ بسَتْرِ العَوْراتِ وحِفظِها عن الأجانِبِ، "ومَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُدخِلْ حَليلَتَه الحَمَّامَ"، أي: لا يَأذَنُ لها بالدُّخولِ، وحَليلَتُه هي زَوجَتُه، ويَدخُلُ في ذلك أيضًا أُمُّه وبِنتُه وأُختُه وغيرُها، ممَّن يَكُنَّ تحت حُكمِه، ويُنهَى الرَّجُلُ أنْ يُعطِيَها أُجرَةَ الحَمَّامِ؛ حتى لا يكونَ مُعينًا لها على ذلك، "ومَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يَجلِسْ على مائِدَةٍ تُدارُ عليها الخَمْرُ"، أي: لا يَجلِسْ على مائِدَةٍ يُشرَبُ عليها الخَمرُ؛ حتى لو كان لا يَشرَبُ؛ لأنَّه لو جَلَسَ عليها وغيرُه يَشرَبُ لوَجَبَ عليه أنْ يَنْهاهم، فإذا جَلَسَ ولم يَنْهَهم لا يكونُ مُؤمِنًا كامِلًا
وقد تَكرَّر ذِكرُ الإيمانِ باللهِ وذِكرُ الإيمانِ باليومِ الآخِرِ في كلِّ واحدةٍ مِن هذه المَنْهيَّاتِ؛ وذلِك لأنَّ الإيمانَ باللهِ تعالى أساسُ الإيمانِ، وكلُّ ما يُؤمَنُ به بعدَ الإيمانِ باللهِ تابِعٌ للإيمانِ باللهِ تعالى، وذُكِرَ اليومُ الآخِرُ مع الإيمانِ باللهِ تَذكيرًا بالمعادِ، وتَذكيرًا بالثَّوابِ والعِقابِ في اليَومِ الآخِرِ الذي هو يَومُ الجزاءِ، وهو هنا مِن بابِ التَّرْهيبِ والتَّحذيرِ مِن تلك الأعْمالِ؛ لِئَلَّا يُعذَّبَ ويُعاقَبَ عليها في اليَومِ الآخِرِ
وفي الحديثِ: الحَثُّ على تَركِ المُنكَراتِ التي فيها ذَهابُ الحَياءِ والعِفَّةِ والعَقْلِ، والبُعدِ عن مَواطِنِ الشُّبُهاتِ