باب النهي عن الخذف1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن سعيد بن جبير
أن قريبا لعبد الله بن مغفل خذف فنهاه، وقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف، وقال: "إنها لا تصيد صيدا، ولا تنكأ عدوا، ولكنها تكسر السن وتفقأ العين"، قال: فعاد، فقال: أحدثك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ثم عدت؟! لا أكلمك أبدا (3)
بُعِثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَحمةً لِلعالمينَ؛ فَما مِن شَيءٍ يُؤذي إلَّا نَهانا عنه؛ رَحمةً بِنا ورَحمةً لِلخَلقِ أجمَعينَ.
وفي هذا الحَديثِ أنَّ عَبدَ اللهِ بنَ مُغفَّلٍ رضِيَ اللهُ عنه رَأى رَجلًا يَخذِفُ، والخَذْفُ هوَ رَمْيُ الحَصاةِ بالنِّبال والمِقلاعِ، وهو آلةٌ يُرمَى بها الحَجَرُ. فنهاه عن فِعلِ هذا الأمرَ، وأخبره أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عَنِ الخَذفِ، أو كانَ يَكرَهُ الخَذفَ، وَقال: «إنَّه لا يُصادُ بِه صَيدٌ وَلا يُنكَأٌ بِه عَدوٌّ»، من النِّكايةِ، وهي المبالغةُ في الأذى، والمرادُ: لا تَقتُلُ العَدُوُّ ولا تجرَحُه؛ فيُصابَ ويُوهَنَ بِه، ولَكنَّها على الحَقيقَةِ ما يَحدُثُ مِنها أنَّها قَد تَكسِرُ السِّنَّ، وتَفقَأُ العَينَ؛ فهيَ تُؤذينا نَحنُ وَلا تَجلِبُ لَنا مَنفعَةً. ثُمَّ رأى عبدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ رضِيَ اللهُ عنه الرَّجُلَ مَرَّةً أُخرى يخذِفُ بعْدَ أنْ ذَكرَ لَه نَهيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَقالَ لَه غاضِبًا أوْ مُعاتبًا: «أُحدِّثُك عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه نَهى عَنِ الخَذفِ -أو كَرِهَ الخَذفَ- وأنتَ تَخذِفُ! لا أُكلِّمُك كَذا وكَذا» كنايةً عن خصامِه والإعراضِ عنه؛ لفِعْلِه ما يخالِفُ أوامِرَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن اللَّعِبِ برَمْيِ الأحجارِ الصِّغارِ؛ لِمَا فيها من ضَررٍ.
وفيه: تأديبُ مَن خالَفَ السُّنَّة النبويَّةِ وأوامرَ الشَّرعِ، وتَعزيرُه.