‌‌باب النهي عن ضرب الخدم وشتمهم

سنن الترمذى

‌‌باب النهي عن ضرب الخدم وشتمهم

حدثنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن فضيل بن غزوان، عن ابن أبي نعم، عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم نبي التوبة: «من قذف مملوكه بريئا مما قال له، أقام الله عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال»: هذا حديث حسن صحيح وابن أبي نعم هو عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي، يكنى أبا الحكم وفي الباب عن سويد بن مقرن، وعبد الله بن عمر
‌‌

عَظَّمَت الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ صِيانةَ العِرْضِ، وأوجبَت الحدَّ والقِصاصَ مِن الظَّالمِ للمَظلومِ، سواءٌ في الدُّنيا أو الآخِرَةِ على كلِّ مَن رمَى غيرَه بسبٍّ وقذفٍ وهو بريءٌ منه، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن قذَف مملوكَه بريئًا ممَّا قال له"، أي: اتَّهمه بأمرٍ لم يفعَلْه، بما يوجِبُ الحدَّ؛ كرَمْيِه بزِنًا أو سَرقةٍ، وكان المقذوفُ بَريئًا ممَّا قُذِف به، وقد بيَّنَت رِوايةٌ أخرى أنَّ المقصودَ بالقذفِ هو القذفُ بالزِّنا"، والمملوكُ: العبدُ الَّذي يكونُ في الرِّقِّ، والمرادُ بالقاذفِ هنا: سيِّدُه، "أقام اللهُ عليه الحدَّ يومَ القيامةِ"؛ وذلك أنَّ قاذِفَ الحُرِّ يُقامُ عليه حدُّ القذفِ في الدُّنيا ثَمانينَ جَلْدةً، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه لا يُحَدُّ حُرٌّ بعبدٍ لِمَزيَّةِ الحرِّيَّةِ على العبوديَّةِ في الدُّنيا، فإذا كان في الآخرةِ ارتفَعَت الأملاكُ كلُّها، وخَلَص الْمُلْكُ للهِ الواحدِ القهَّارِ، فلا مُفاضَلةَ بينَ العِبادِ؛ فالكلُّ سواءٌ؛ فحينَئذٍ حدَّ له، "إلَّا أن يَكونَ كما قال"، أي: إلَّا أن يَكونَ المملوكُ مرتكِبًا للفاحشةِ كما قال مالِكُه، فلا يُحَدُّ في الآخرةِ.
وفي الحديثِ: الزَّجرُ والنَّهيُ عن استِباحةِ أعراضِ النَّاسِ بما ليس فيهم، حتَّى لو كان المقذوفُ مِن عَبيدِه وخُدَّامِه.