باب الوضوء من الدم

بطاقات دعوية

باب الوضوء من الدم

حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق، حدثني صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر، عن جابر، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرقاع - فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين، فحلف أن لا أنتهي حتى أهريق دما في أصحاب محمد، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا، فقال: من رجل يكلؤنا؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقال: «كونا بفم الشعب»، قال: فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري، وقام الأنصاري يصل، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه، حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبه، فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم، قال: سبحان الله ألا أنبهتني أول ما رمى، قال: كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها

ما تزال سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مثار العجب والإعجاب، ومضرب المثل في قوة الإيمان وحب الله ورسوله، ولنا في رسول الله وأصحابه القدوة الحسنة في أفعالهم وحياتهم
وفي هذا الحديث يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني: في غزوة ذات الرقاع- "وكانت في أول السنة الرابعة من الهجرة، خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجد، يريد بني محارب، وبني ثعلبة بن سعد بن غطفان، وسميت بذلك الاسم؛ لما أصابهم في أقدامهم من تشققات؛ فلفوا عليها خرق القماش. قال: "فأصاب رجل"، أي: من المسلمين، "امرأة رجل من المشركين" أي: قتلها، "فحلف"، أي: عزم، وأقسم زوج المرأة المشركة، "ألا أنتهي" أي: لا أرجع، "حتى أهريق دما في أصحاب محمد"، أي: حتى يقتل ويصيب في المسلمين؛ أخذا بثأر زوجته، "فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم"، أي: يتتبع آثار مشي النبي صلى الله عليه وسلم وجيشه، "فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا" أي: للراحة والمبيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رجل يكلؤنا؟" أي: من يحرسنا ونحن نائمون؟ "فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار"، أي: فأجاب رجلان قول النبي صلى الله عليه وسلم وأرادا الحراسة، فقال: "كونا بفم الشعب"، أي: عند مدخله، والشعب هو الطريق بين جبلين، قال جابر: "فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري"، أي: نام، وقام الأنصاري يصلي، وهو يحرس الناس، "وأتى الرجل"، أي: المشرك، "فلما رأى شخصه"، أي: شخص الأنصاري، "عرف أنه ربيئة للقوم"، أي: عين وحارس للجيش، "فرماه"، أي: رمى المشرك الأنصاري "بسهم؛ فوضعه فيه" أي: أصاب الأنصاري ذلك السهم ودخل جسده، "فنزعه"، أي: أخرجه الأنصاري، وتخلص منه وهو قائم يصلي، "حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبه المهاجري من نومه"، أي: استيقظ ورأى ما أصاب الأنصاري، "فلما عرف"، أي: المشرك، "أنهم قد نذروا به"، أي: شعروا به، وعرفوا بوجوده، "هرب، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم، قال: سبحان الله، ألا أنبهتني أول ما رمى!"، أي: أيقظتني وأعلمتني بوجوده! قال الأنصاري: "كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها"، أي: إنه فضل أن يتم ما يقرأ من القرآن على أن ينجو بنفسه مما أصابه، وهذا من شدة خشوعه وحبه للصلاة والقرآن