باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم 2
بطاقات دعوية
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس )) رواه البخاري
(( اليمين الغموس )) : التي يحلفها كاذبا عامدا ، سميت غموسا ؛ لأنها تغمس الحالف في الإثم .
لم يكن شيء يضاهي خوف الصحابة رضي الله عنهم من الوقوع في الكبائر؛ لذا فقد كانوا كثيري السؤال عليها والاستفسار عنها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعددها لهم ويحذرهم منها؛ خشية الوقوع فيها.
وفي هذا الحديث يحكي الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا من الأعراب -وهم البدو ساكنو الصحراء- جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم سائلا عن كبائر الذنوب ما هي؟ والكبائر في الأصل: هي الذنوب العظيمة، وهي كل ذنب أطلق عليه -في القرآن، أو السنة الصحيحة، أو الإجماع- أنه كبيرة، أو أنه ذنب عظيم، أو أخبر فيه بشدة العقاب، أو كان فيه حد، أو شدد النكير على فاعله، أو ورد فيه لعن فاعله
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم موضحا له أن أول الكبائر وأعظمها أن تشرك بالله عز وجل؛ بأن تعبد معه إلها آخر، فأراد الرجل الأعرابي أن يستزيد معرفة عن الكبائر، فسأل: ماذا يعد من الكبائر بعد الإشراك بالله؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: «ثم عقوق الوالدين»، وهو الإساءة إليهما وعدم الوفاء بحقهما بأي صورة من الصور؛ من السب والضرب، وجلب اللعن لهما من الناس، وعصيانهما في المعروف، والتضجر من وجودهما، والتقصير في حقوقهما، وعدم الإنفاق عليهما، وعدم خفض الجناح لهما، وتقديم الزوجة والأولاد عليهما، وغير ذلك من أنواع الأذى وعدم توفية الحقوق، فأراد الأعرابي أن يحصل معرفة أكثر عن الكبائر، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا يعد من الكبائر أيضا بعد عقوق الوالدين؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: «اليمين الغموس»، أي: الذي يحلف على شيء وهو يعلم أنه كاذب، وقيل: سمي بذلك؛ لأنه يغمس صاحبه في النار، فأراد فراس بن يحيى الهمداني راوي الحديث كما ثبت في رواية ابن حبان أن يستفسر عن معنى اليمين الغموس، فسأل شيخه عامر بن شراحيل الشعبي، فأجابه بأنه الذي يأخذ من مال أخيه بدون وجه حق وهو كاذب؛ فقد حلف يمينا بهتانا وزورا يستعين بها على اقتطاع هذا المال من أخيه، وفي هذا تحذير شديد من اليمين الكاذبة عموما، ويشتد التحريم إذا تعلق باليمين أخذ مال مسلم بغير حق.
وذكر هذه الثلاث لا ينافي ألا تكون كبيرة إلا هذه؛ فقد ذكر في غير هذا الموضع: قول الزور، وزنا الرجل بحليلة جاره، واستحلال بيت الله، وغيرها مما ورد في السنة