باب تحزيب القرآن
حدثنا نوح بن حبيب أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن عبد الله بن عمرو أنه سأل النبى -صلى الله عليه وسلم- فى كم يقرأ القرآن قال « فى أربعين يوما ». ثم قال « فى شهر ». ثم قال « فى عشرين ». ثم قال « فى خمس عشرة ». ثم قال « فى عشر ». ثم قال « فى سبع ». لم ينزل من سبع.
قراءة القرآن من أفضل الأعمال التي تقرب إلى الله تعالى، وينبغي أن تكون قراءته قراءة تدبر وفهم للمعاني؛ حتى يتسنى للمسلم أن يطبق ما فيه من أوامر ونواه وتوجيهات؛ ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يختم القرآن قراءة في مدة من الأيام يتمكن فيها القارئ من الفهم والتدبر، كما جاء في هذا الحديث الذي يخبر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: في كم يقرأ القرآن؟"، أي: في كم يوم يمكنه أن يقرأه وينهيه؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "في أربعين يوما"؛ وذلك مراعاة للتدبر وحسن التلاوة، وفي هذا إشارة إلى أن القراءة لا بد أن تكون عن فهم وتدبر
وقد أوضحت الروايات الأخرى أن عبد الله ظل يراجع النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك؛ لأن به قوة على أن يقرأه في أقل من تلك المدة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "في شهر"، أي: في مدة ختمه، ثم قال: "في عشرين"، ثم قال: "في خمس عشرة"، ثم قال: "في عشر"، ثم قال: "في سبع"، أي: سبع ليال، قال عبد الله: "لم ينزل من سبع"، أي: لم يقلل له النبي صلى الله عليه وسلم في مدة ختمه للقرآن عن سبعة أيام، وفي صحيح البخاري: أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إني أطيق أكثر"، فما زال حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "في ثلاث"، أي: اختمه في ثلاث ليال، أي: مع أيامها؛ فينبغي للعبد أن يستكثر من قراءة القرآن ما يمكنه الدوام عليه ولا يعتاد إلا ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه، وقد كان للسلف عادات مختلفة في ذلك بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم، وأكثرهم كانوا يختمون في سبعة أيام