باب تحزيب القرآن

باب تحزيب القرآن

حدثنا يحيى بن موسى البلخى وهارون بن عبد الله قالا أخبرنا عبد الله بن يزيد أخبرنا سعيد بن أبى أيوب حدثنى عياش بن عباس القتبانى عن عيسى بن هلال الصدفى عن عبد الله بن عمرو قال أتى رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أقرئنى يا رسول الله. فقال « اقرأ ثلاثا من ذوات الراء ». فقال كبرت سنى واشتد قلبى وغلظ لسانى. قال « فاقرأ ثلاثا من ذوات حم ». فقال مثل مقالته. فقال « اقرأ ثلاثا من المسبحات ». فقال مثل مقالته فقال الرجل يا رسول الله أقرئنى سورة جامعة. فأقرأه النبى -صلى الله عليه وسلم- (إذا زلزلت الأرض) حتى فرغ منها. فقال الرجل والذى بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدا ثم أدبر الرجل فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- « أفلح الرويجل ».
مرتين.

( فَقَالَ أَقْرِئْنِي ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ عَلِّمْنِي ( فَقَالَ اقْرَأْ ثَلَاثًا ) : أَيْ ثَلَاثَ سُوَرٍ ( مِنْ ذَوَاتِ الرَّاءِ ) : بِالْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مِنَ السُّوَرِ الَّتِي صُدِّرَتْ بِالرَّاءِ ( فَقَالَ كَبُرَتْ ) : بِضَمِّ الْبَاءِ وَتُكْسَرُ ( سِنِّي ) : أَيْ كَثُرَ عُمُرِي ( وَاشْتَدَّ قَلْبِي ) : أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ قِلَّةُ الْحِفْظِ وَكَثْرَةُ النِّسْيَانِ ( وَغَلُظَ لِسَانِي ) : أَيْ ثَقُلَ بِحَيْثُ لَمْ يُطَاوِعْنِي فِي تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَلَا تَعَلُّمِ السُّوَرِ الطِّوَالِ ( قَالَ ) : أَيْ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ قِرَاءَتَهُنَّ ( فَاقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ حم ) : فَإِنَّ أَقْصَرَ ( ذَوَاتِ حم ) : أَقْصَرُ مِنْ أَقْصَرِ ذَوَاتِ الرَّاءِ ( مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ ) : أَيْ مَا فِي أَوَّلِهِ سَبِّحْ وَيُسَبِّحُ ( فَأَقْرَأَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا ) : أَيِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوِ الرَّجُلُ قَالَ الطِّيبِيُّ : كَأَنَّهُ طَلَبَهُ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَلَاحُ إِذَا عَمِلَ بِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ سُورَةٌ جَامِعَةٌ ، وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ آيَةٌ زَائِدَةٌ لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَلِأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ قَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ قَالَ الطِّيبِيُّ : وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَرَدَتْ لِبَيَانِ الِاسْتِقْصَاءِ فِي عَرْضِ الْأَعْمَالِ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ( لَا أَزِيدُ عَلَيْهِ أَبَدًا ) : أَيْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا أَقْرَأْتَنِيهِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَتَرْكِ الشَّرِّ ، وَلَعَلَّ الْقَصْدَ بِالْحَلِفِ تَأْكِيدُ الْعَزْمِ لَا سِيَّمَا بِحُضُورِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الَّذِي بِمَنْزِلَةِ الْمُبَايَعَةِ وَالْعَهْدِ ( ثُمَّ أَدْبَرَ ) : أَيْ وَلَّى دُبُرَهُ وَذَهَبَ ( أَفْلَحَ ) : أَيْ فَازَ بِالْمَطْلُوبِ ( الرُّوَيْجِلُ ) : قَالَ الطِّيبِيُّ : تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ لِبُعْدِ غَوْرِهِ وَقُوَّةِ إِدْرَاكِهِ وَهُوَ تَصْغِيرٌ  شَاذٌّ إِذْ قِيَاسُهُ رُجَيْلٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَصْغِيرُ رَاجِلٍ بِالْأَلِفِ بِمَعْنَى الْمَاشِي ( مَرَّتَيْنِ ) : إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ مَرَّةً لِلدُّنْيَا وَمَرَّةً لِلْأُخْرَى ، وَقِيلَ لِشِدَّةِ إِعْجَابِهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ مِنْهُ قَالَهُ عَلِيٌّ الْقَارِيُّ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ