تزوج المرأة مثلها في السن
سنن النسائي
أخبرنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: خطب أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها صغيرة» فخطبها علي، فزوجها منه
مُراعاةُ المقارَبةِ في السِّنِّ في الزَّواجِ مِن الأمورِ المعتَبَرةِ شرعًا، كوسيلةٍ لتَحقيقِ مَقصِدِ الزَّواجِ مِن المودَّةِ، والمحبَّةِ، والأُلفةِ بين الزَّوجينِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ بُرَيدةُ بنُ الحُصَيبِ الأَسْلميُّ رَضِي اللهُ عَنه: "خطَب أبو بكرٍ وعُمَرُ رَضِي اللهُ عَنهما فاطمةَ"، أي: طلَبَا كلُّ واحدٍ منهما تِلْوَ الآخَرِ الزَّواجَ منها، فاعتذَرَ لهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يكُنْ هذا عندَهما لرغبةٍ في الزَّواجِ، ولكنْ رَغبةً في مُصاهَرةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّها صغيرةٌ"، أي: لا تصلُحُ لكما لصِغَرِ سِنِّها، قال بُريدةُ: "فخطَبها عليٌّ"، أي: تقدَّم لها بعدَ ذلكَ مباشَرةً، "فزوَّجها منه"، أي: وافَق النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على زواجِ فاطمةَ به؛ وذلكَ لِمَا له مِن الفَضْلِ والقُرْبِ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولمقاربتِه فاطمةَ رَضِي اللهُ عَنها في السِّنِّ؛ فالمقارَبةُ في السِّنِّ أقرَبُ لمقاصدِ الزَّواجِ مِن الأُلفةِ والمودَّةِ بينَهما. وقد يُترَكُ الاهتمامُ بمقاربةِ السِّنِّ إذا كان الزَّوجُ له مِن الفَضلِ الَّذي يجبُرُ هذا الفرقَ في السِّنِّ؛ كزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِي اللهُ عَنهما
وفي الحديثِ: الحثُّ على أن يُعتَبَرَ في الزَّواجِ ما يُقصَدُ به مِن الأُلفةِ والمودَّةِ
وفيه: ذكرُ سَببِ رفْضِ الخاطبِ، إذا كان سببًا معتبَرًا لا يُؤذيه
وفيه: فَضيلةٌ جليلةٌ ومَنقَبةٌ عظيمةٌ لعليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنه، ولا يُنكَرُ هذا الفضلُ لأبي بكرٍ وعُمَرَ رَضِي اللهُ عَنهما، إلَّا أنَّ عليًّا رَضِي اللهُ عَنه تَقدَّمَهما في هذا الأمرِ؛ لِقُربِ سِنِّه مِن سنِّ فاطمةَ رضوانُ اللهِ عليهِما