باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه 3
بطاقات دعوية
- عن سعيد بن المسيب (ومن طريق أخرى: عنه عن أبيه عن جده) أن جده حزنا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:
"ما اسمك؟ ". قال: اسمي حزن، قال:
"بل أنت سهل"، قال: ما أنا بمغير اسما سمانيه أبي.
قال ابن المسيب: فما زالت فينا الحزونة (35) بعد.
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُغيِّرُ أسماءَ بعضِ مَن يَأتيه إنْ كان فيها ما يُخالِفُ العقيدةَ الصَّحيحةَ، كالعبوديَّةِ لغَيرِ اللهِ، أو كان فيها معنًى سيِّئٌ؛ لِمَا يَترُكُه هذا مِن أثرٍ في طَبْعِ المسمَّى به.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ المُسَيِّبُ بنُ حَزْنٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ أباه حَزْنَ بنَ أبي وَهْبٍ القُرَشِيَّ المَخْزُومِيَّ رَضِيَ اللهُ عنه جَدَّ التَّابعيِّ الجليلِ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ؛ جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن اسمِه، فقال: حَزْنٌ، والحَزْنُ: ما غَلُظ مِن الأرضِ وصعُب، فقال له: «أنتَ سَهْلٌ» بضدِّ اسمِه، ولكنَّه رفَضَ تَغييرَ اسمِه، وقال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أبِي». وفي روايةٍ عند أبي داودَ أنَّه أجاب النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ السَّهلَ يُوطَأُ ويُمتهَنُ. يعني: يُداسُ بالأقدامِ. وقيل: يحتَمِلُ أنَّه أجاب بكلا الجوابينِ، فنقل بعضُ الرُّواةِ ما لم ينقُلْه الآخَرُ.
والأمرُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكُنْ للوُجوبِ، وإلَّا لَما وَسِعَه ردُّ أمرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولَما أقرَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على بقاءِ اسمِه الذي سمَّاه به أبوه.
ثمَّ أخبَر سَعِيدُ بن المُسَيِّبِ بنِ حَزْنٍ عن أثَرِ بَقاءِ اسمِه فقال: «فمَا زالَتِ الحُزُونَةُ» أي: الصُّعوبةُ «فينا بَعْدُ!» يُريد: صُعوبةَ الأمورِ وامتِناعِ التَّسهيلِ فيما يُريدُ، وقِيلَ: يُريدُ الصُّعوبةَ في أخلاقِهم.
وفي الحَديثِ: أنَّ الخيرَ في التزامِ أمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واتِّباعِ السُّننِ، ولو لم تكُنْ واجبةً.
وفيه: الترغيبُ في التسَمِّي بالأسماءِ الحَسَنةِ والابتعادِ عن الأسماءِ السَّيِّئةِ.