باب تنزل السكينة لقراءة القرآن 2

بطاقات دعوية

باب تنزل السكينة لقراءة القرآن 2

 عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده إذ جالت فرسه فقرأ ثم جالت أخرى فقرأ ثم جالت أيضا قال أسيد فخشيت أن تطأ يحيى (4) فقمت إليها فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها قال فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقرأ ابن حضير قال فقرأت ثم جالت أيضا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقرأ ابن حضير قال فقرأت ثم جالت أيضا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقرأ ابن حضير قال فانصرفت وكان يحيى قريبا منها خشيت أن تطأه فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الملائكة كانت تستمع لك ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم. (م 2/ 194)

كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ ابتغاءَ مَرْضاةِ اللهِ، ومِن ذلك ما رواهُ أَسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ رضِيَ اللهُ عنه في هذا الحديثِ

حيث أخبر أنَّه بيْنما يَقرأُ في اللَّيلِ سُورةَ البقرةِ، وكانت فرسُه مَربوطةً في بَيتِه، إذْ جالتِ الفرسُ، أي: اضطرَبَتِ اضْطرابًا شَديدًا وتحركَت بعُنفٍ، ولَمَّا وجد أُسيدٌ رَضِيَ اللهُ عنه ذلك الاضطرابَ منها، سكَتَ عَنِ القراءةِ، فَسكَنَتِ الفرسُ عَنِ الاضطرابِ، وتَكرَّرَ ذلك منها كُلَّما استمَرَّ في القراءةِ، فَانصرفَ أُسَيْدٌ رضِيَ اللهُ عنه مِنَ الصَّلاةِ أو مِنَ القِراءةِ، وكانَ ابنُه يَحيى في ذلك الوقتِ قَريبًا مِنَ الفَرَسِ، فخافَ أُسَيْدٌ رضِيَ اللهُ عنه أنْ تُصِيبَ ابنَه يَحيَى، فَأَبْعَدَه مِنَ المكانِ الذي هو فيه حتَّى لا تُصيبَه الفَرسُ، ثمَّ رفع رأسَه إلى السَّماءِ، فكأنَّه وجد حاجزًا يحولُ بينه وبين السَّماءِ حتَّى ما يَراها، فلمَّا أَصبَحَ أُسَيْدٌ رضِيَ اللهُ عنه حدَّثَ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك، فقالَ له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «اقْرأْ يا ابنَ حُضَيْرٍ، اقْرأْ يا ابنَ حُضَيْرٍ» مرَّتين، وهذا ليس أمْرًا بِالقراءةِ، بِلِ المعْنى: كان يَنْبَغِي لك أنْ تَستَمِرَّ على قِراءتِك وتَغْتنِمَ ما حصَلَ لك مِنْ نُزولِ السَّكينةِ والملائكةِ وتَستكثِرَ مِنَ القِراءةِ التي هي سَببُ بَقائِها، فبَيَّن له أُسَيدٌ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه خَشِيَ أن تصيبَ الفَرَسُ ابنَه يحيى، وكان حينئذ قريبًا منها، ثم أخبر النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه لَمَّا رفع نظَرَه إلى السَّماءِ «فإذا مِثلُ الظُّلَّةِ»؛ قيل: هي السَّحابةُ التي كانتْ فيها الملائكةُ ومعها السَّكينةُ، وكان فيها مِثلُ المصابيحِ في الإضاءةِ، فسأله عليه الصَّلاةُ والسَّلام: «وتَدْرِي ما ذاك؟ قال: لا، قال: تلك الملائكةُ دَنَتْ» أي: قَرُبَتْ لِصوتِك، «ولو قَرَأْتَ»، أي: ولو دُمتَ على قِراءتكَ لأصبحَتِ الملائكةُ عندك تستَمِعُ لقراءتِك حتى يَنظُرَ النَّاسُ إليها لا تَستِترُ منهم ولا تختفي عن أعيُنِهم
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ قِراءةِ القرآنِ وأنَّها سَببُ نُزولِ الرَّحمةِ وحُضورِ الملائكةِ
وفيه: مَنْقَبَةٌ لأُسَيْدِ بنِ حُضَيرٍ رضِيَ اللهُ عنه
وفيه: فَضْلُ قِراءةِ سُورةِ البَقرةِ في صَلاةِ الليلِ، وفضْلُ الخشوعِ في الصَّلاةِ