‌‌باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم5-1

سنن الترمذى

‌‌باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم5-1

حدثنا قتيبة قال: حدثنا رشدين بن سعد، عن أبي هانئ الخولاني، عن أبي علي الجنبي، عن فضالة بن عبيد، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصل علي ثم ادعه». قال: ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أيها المصلي ادع تجب». هذا حديث حسن وقد رواه حيوة بن شريح، عن أبي هانئ الخولاني. وأبو هانئ اسمه: حميد بن هانئ، وأبو علي الجنبي اسمه: عمرو بن مالك

الدُّعاءُ مِن أجَلِّ العباداتِ الَّتي يتَقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه عزَّ وجلَّ؛ ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يعلِّمُ أصحابَه كيفيَّةَ الدُّعاءِ، والأوقاتَ المستحَبَّةَ للدُّعاءِ، وكيف يُستجابُ الدُّعاءُ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ فَضالةُ بنُ عُبيدٍ رضِيَ اللهُ عَنه: "بَيْنا"، أي: بينَما "رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قاعِدٌ"، أي: في المسجِدِ، "إذ دخَل رجلٌ فصلَّى، فقال"، أي: فقال الرَّجلُ وهو في صَلاتِه: "اللَّهمَّ اغفِرْ لي وارْحَمْني، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: قال للرَّجلِ المصلِّي بعدَما انتهى مِن صلاتِه: "عَجِلتَ أيُّها المصلِّي"، أي: تَعجَّلتَ وتَسرَّعتَ في دُعائِك، ثمَّ علَّمه فقال: "إذا صلَّيتَ فقعَدتَ"، أي: إذا أتمَمتَ صَلاتَك وجلَستَ، فإذا أرَدتَ أن تَدعُوَ، "فاحمَدِ اللهَ بما هو أهلُه"، أي: أثْنِ على اللهِ بما هو أهلُه وأعظِمِ الثَّناءَ على اللهِ، وهذا مِن التَّقديمِ بالشُّكرِ للهِ بينَ يدَيِ الدُّعاءِ، "وصلِّ علَيَّ"، أي: وصلِّ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، بأن تقولَ: اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ، وهكذا، "ثمَّ ادْعُه"، أي: ثمَّ اختَرْ ما شِئتَ مِن الدُّعاءِ فادْعُ اللهَ به؛ فذلك أرجى للقَبولِ وأدعى للإجابةِ، "قال"، أي: فَضالةُ بنُ عُبيدٍ راوي الحديثِ: "ثمَّ صلَّى رجلٌ آخرُ بعدَ ذلك"، أي: ثمَّ جاء رجلٌ آخرُ المسجِدَ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ما زال جالِسًا، فدخَل فصلَّى، "فحَمِد اللهَ وصلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: فلمَّا أراد أن يَدْعوَ في صلاتِه حَمِد اللهَ وأثنى عليه بما هو أهلُه، ثمَّ صلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ثمَّ دعا، "فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: للرَّجلِ المصلِّي الَّذي حَمِد اللهَ وصلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أيُّها المصلِّي ادعُ تُجَبْ"، أي: ادْعُ بما شِئتَ أيُّها المصلِّي، فإنَّ اللهَ سوف يَستَجيبُ لك؛ لأنَّك أَثنَيتَ على اللهِ بما هو أهلُه ثمَّ صلَّيتُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قبلَ الدُّعاءِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تَحرِّي أسبابِ القَبولِ وإجابةِ الدُّعاءِ.
وفيه: أنَّ الثَّناءَ على اللهِ والصَّلاةَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن أسبابِ إجابةِ الدُّعاءِ.