‌‌باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم

سنن الترمذى

‌‌باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم

حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي قال: حدثنا زيد بن حباب، عن مالك بن مغول، عن عبد الله بن بريدة الأسلمي، عن أبيه، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو وهو يقول: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد»، قال: فقال: «والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى» قال زيد، فذكرته لزهير بن معاوية، بعد ذلك بسنين فقال: حدثني أبو إسحاق، عن مالك بن مغول، قال زيد: ثم ذكرته لسفيان، فحدثني عن مالك،: «هذا حديث حسن غريب» وروى شريك، هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن ابن بريدة، عن أبيه، «وإنما أخذه أبو إسحاق، عن مالك بن مغول»

إذا دعا المسلِمُ ربَّه عزَّ وحلَّ فإنَّه يتَعرَّضُ لرَحمةِ اللهِ وعَظيمِ فضلِه؛ فدُعاءُ اللهِ والتَّوسُّلُ إليه هو السَّبيلُ لقضاءِ الحوائجِ.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "سَمِع رجلًا يَدْعو وهو يقولُ"، أي: في دُعائِه: "اللَّهمَّ"، أي: يا أللهُ، "إنِّي أسألُك، وأَدْعوك "بأنِّي أشهَدُ أنَّك أنتَ اللهُ لا إلهَ إلَّا أنت"، أي: أُقِرُّ بأنَّه لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا أنتَ "الأحَدُ"، أي: المنفرِدُ في ذاتِه وصِفاتِه، وأسمائِه وأفعالِه، لا مَثيلَ له ولا نَظيرَ؛ لأنَّه سبحانه الكامِلُ في جميعِ صفاتِه وأحكامِه، وهو "الصَّمدُ"، أي: الَّذي يَقصِدُه الخلائقُ في قَضاءِ حَوائجِهم وطلَبِ مَسائلِهم، أو الكامِلُ في أنواع الشَّرفِ والسِّيادةِ؛ فهو السيِّدُ الذي قد كَمَلَ في سُؤددِه والعظيمُ الذي قدْ كمَلَ في عَظمتِه، "لم يَلِدْ"، أي: لم يَكُنْ له ولَدٌ، "ولم يولَدْ"، أي: لم يَكُن سبحانه وتعالى مولودًا، فلم يَكُنْ له والِدانِ، "ولم يَكُنْ له كفُوًا أحَدٌ"، أي: ليس له شبيهٌ ولا مثيلٌ مِن مخلوقاتِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "والَّذي نَفْسي بيدِه"، أي: أُقسِمُ باللهِ تعالى الَّذي نَفْسي وحَياتي بيَدِه وأمرِه، "لقد سأَل اللهَ"، أي: إنَّ هذا الرَّجلَ دعا اللهَ وتوسَّل إليه "باسمِه"، أي: باسمِ اللهِ "الأعظَمِ الَّذي إذا دُعي به"، أي: إذا نادَى العبدُ ربَّه واستَغاثَ باسمِه الأعظَمِ "أجابَ" اللهُ دُعاءَه، "وإذا سُئِل به"، أي: إذا طلَب العبدُ حاجةً مِن اللهِ مُتوسِّلًا باسمِه الأعظَمِ "أعطى"، أي: أعطاه اللهُ ما سأَل، وقضَى له حاجاتِه.
وقد اختُلِفَ في تَحديدِ اسمِ اللهِ الأعظمِ، ولعلَّ أقربَ الأقوالِ أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمَ هو (الله)؛ لأنَّه الاسمُ الوحيدُ الذي يُوجَدُ في كلِّ النُّصوصِ التي جاءَ أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمِ ورَدَ فيها، وأيضًا لأنَّه الاسمُ الجامعُ لِلهِ عزَّ وجلَّ الذي يَدلُّ على جَميعِ أسمائِه وصِفاتِه، وقِيلَ غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ للهِ تعالى اسمًا أعْظمَ، وبيانُ فَضلِ الدُّعاءِ والتَّوسُّلِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ باسمِه الأعظمِ، وأنَّه إذا دُعي به أجابَ.