باب جواز العمرة في أشهر الحج
بطاقات دعوية
حديث ابن عباس عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي، قال: تمتعت فنهاني ناس، فسألت ابن عباس فأمرني، فرأيت في المنام كأن رجلا يقول لي: حج مبرور، وعمرة متقبلة، فأخبرت ابن عباس، فقال: سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: أقم عندي فأجعل لك سهما من مالي
قال شعبة (الراوي عنه) ، فقلت: لم فقال: للرؤيا التي رأيت
التمتع في الحج هو أن يحرم بالعمرة في أيام الحج، ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج من عامه، فإذا قدم مكة في أشهر الحج واعتمر وانتهى من عمرته، فله أن يتحلل من إحرامه، ويتمتع بكل ما هو حلال حتى تبدأ مناسك الحج
وفي هذا الحديث يروي التابعي نصر بن عمران الضبعي أنه تمتع، فأحرم بالعمرة في أشهر الحج، فنهاه بعض الناس، وكان ذلك في زمن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وكان ينهى عن المتعة؛ وذلك أنه في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه كانوا ينهون الناس عن التمتع بالعمرة في أيام الحج، وكانوا يأمرون بإفراد الحج في سفر، والعمرة في سفر
فسأل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فأمره أن يبقى على التمتع؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر به أصحابه في حجة الوداع، فأخبره نصر أنه رأى في المنام كأن رجلا يقول له: هذا حج مبرور مقبول وعمرة متقبلة، وفي رواية للبخاري: «ومتعة متقبلة»، فكأنه يدعو له بقبول الحج والعمرة والتمتع بهما، والحج المبرور: هو الحج الخالص لوجه الله تعالى، المقبول عنده؛ لخلوصه من الرياء والسمعة والمال الحرام؛ فرؤياه كانت بشرى على صحة ما فعل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات. قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة» متفق عليه
فأخبر ابن عباس رضي الله عنهما بما رأى في المنام من قول الرجل: حج مبرور وعمرة متقبلة، فقال له: لقد فعلت سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أي: تمتعه بالعمرة في أشهر الحج، فطلب منه ابن عباس رضي الله عنهما أن يقيم عنده فيجعل له سهما -أي: نصيبا- من ماله؛ وذلك من أجل الرؤيا التي رآها، وأنها جاءت موافقة للسنة النبوية التي كان يفتي بها ابن عباس رضي الله عنهما
وفي الحديث: ما كان عليه السلف من التعاون على البر والتقوى، وحمدهم لمن يفعل الخير
وفيه: مشروعية التمتع بالعمرة مع الحج
وفيه: إكرام من أخبر المرء بما يسره
وفيه: فرح العالم بموافقته الحق