باب حد الغسل 2
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح والحرث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له عن بن وهب عن يونس عن بن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن حمران مولى عثمان أخبره : أن عثمان دعا بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم غسل رجله اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه
قال الشيخ الألباني : صحيح
كان الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم يَحرِصون على نقْلِ السُّنةِ وتَعليمِها لمَن بعْدَهم؛ حتَّى يَنشُروا صَحيحَ الدِّينِ وتَعاليمَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي هذ الحديثِ يَروي التابعيُّ حُمْرانُ مَولى عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ، أنَّ عُثْمانَ رَضيَ اللهُ عنه وَقتَ خِلافتِه للمُسلِمينَ دَعا بإناءٍ فيه ماءٌ لِلوُضوءِ، فصَبَّ على يَدَيْه مِن إنائِه، فغَسَلَهما ثَلاثَ مرَّاتٍ قَبلَ أنْ يُدخِلَهما الإناءَ تَنظيفًا وإنقاءً لهما، ثُمَّ أدخَلَ يَمينَه في الماءِ، فأخَذَ منه بكَفِّه، ثمَّ تَمَضْمَضَ، بأنْ أدخَلَ الماءَ في فَمِه وحرَّكَه وأدارهَ ثمَّ ألْقاهُ لغَسلِه غَسلًا جيِّدًا ثمَّ ألْقَى الماءَ وأخرجَه من فَمِه، واستَنْشَقَ بأنْ جَذَب الماءَ بِريحِ أنْفِه لإيصالِه إلى أعْلى الأنْفِ والخَياشيمِ، واستَنْثَر بأنْ أخرَجَه؛ ليُنظِّفَ أنْفَه ممَّا به مِن الأذَى.ثمَّ غَسَل وجْهَه ثَلاثَ مرَّاتٍ، وحَدُّ الوجْهِ مِن مَنابِتِ شَعرِ الرَّأسِ إلى أسفَلِ الذَّقنِ، ومِن شَحمتَي الأُذننَينِ يَمينًا ويَسارًا، والمُرادُ: تَعميمُ الوَجهِ كلِّه بالماءِ. وغَسَل يَدَيه كلَّ واحدةٍ إلى المِرفَقَين ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ مَسَح برَأسِه، والمسحُ دونَ الغَسلِ وأقلُّ منه، والمرادُ بالرَّأسِ: مَنابِتُ شَعرِ الرَّأسِ، ثمَّ غَسَلَ كلَّ رِجلٍ ثلاثَ مرَّاتٍ، وذلك إلى الكَعبينِ، كما جاء في الرِّواياتِ، وفي كلِّ ذلك يُعطي كلَّ عُضوٍ حقَّه مِن الماءِ والغَسلِ.ثمَّ قال رَضيَ اللهُ عنه بعْدَ أنْ أنْهى وُضوءَه: رَأَيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتوضَّأُ نَحوَ وُضوئي هذا، فأظْهَرَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ وُضوءَه كان مُحاكاةً ومُطابقةً لوُضوءٍ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَعليمًا لمَن حَولَه مِن التَّابعينَ والآخِذين لِسُنةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن تَوضَّأ وُضوءًا نَحوَ وُضوئي هذا، وصلَّى رَكعتَين لا يُحدِّثُ فيهما نفْسَه بأنْ يُؤدِّيَهما بإخلاصٍ وخُشوعٍ وطُمأنينةٍ؛ غَفَرَ اللهُ لَه ما تَقدَّم مِن ذَنبِه مِن الصَّغائرِ؛ لأنَّ الكَبائرَ لا بُدَّ لها مِن تَوبةٍ، فهذا العُمومُ خُصَّ منه الكَبائرُ بما أخْرَجَه مُسلمٌ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «الصَّلواتُ الخمْسُ، والجُمعةُ إلى الجُمعةِ، ورَمضانُ إلى رَمضانَ؛ مُكفِّراتُ ما بيْنهن إذا اجتُنِبَت الكَبائرُ»، وأيضًا رَدُّ المَظالِمِ، ونحْوُ ذلك مِن شُروطِ التَّوبةِ
وفي الحديثِ: بَيانُ فضْلِ الوُضوءِ والصَّلاةِ مع الإخلاصِ وعدَمِ الرِّياءِ
وفيه: أنَّ التَّعليمَ بالعمَلِ أكثَرُ فائدةً مِن التَّعليمِ بالقولِ
وفيه: فَضلُ عُثمانَ رضِيَ اللهُ عنه، وحِرصُه على تَعليمِ أُمورِ الدِّينِ حتى وهو خَليفةٌ