باب خيار الأمة إذا أعتقت 4
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود
عن عائشة، قالت: أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض (1).
شرَعَ الإسلامُ العِدَّةَ للزَّوجاتِ بعدَ الطَّلاقِ أو الفَسْخِ والفُراقِ، أو بعدَ موتِ الزَّوجِ، لأهدافٍ مُتعدِّدةٍ؛ منها: استبراءُ الأرحامِ مِن ماءِ الزَّوجِ، ولظُهورِ الحمْلِ إنْ وُجِدَ؛ حتَّى يُحافَظَ على النَّسبِ والولَدِ، ولكلِّ حالةٍ مِن النِّساءِ عِدَّةٌ تُناسِبُها وهذا الحديثُ يُوضِّحُ جانبًا مِن ذلك؛ وفيه تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أُمِرَتْ بَريرةُ أنْ تعتَدَّ بثلاثِ حِيَضٍ"، أي: أمَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ تكونَ عِدَّتُها مثْلَ عِدَّةِ المرأةِ الحُرَّةِ؛ وذلك أنَّها قد أُعْتِقَت، بخِلاف ما يكونُ في عِدَّةِ الأَمَةِ وهي حَيضتانِ، وكانتْ بَريرةُ تحتَ عبْدٍ يُسَمَّى مُغيثًا، فلمَّا أُعْتِقَت خيَّرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين البَقاءِ على زَواجِها أو المُفارقةِ، كما جاء في الصَّحيحينِ عن عائشةَ رضِي اللهُ عنها، قالت: "اشْتَريتُ بَريرةَ، فاشترَطَ أهلُها ولاءَها، فذَكرتُ ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: «أَعْتِقيها؛ فإنَّ الولاءَ لِمَن أعطى الورِقَ». فأعْتَقْتُها، فدعاها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخيَّرَها مِن زَوجِها، فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما ثَبَتُّ عنده، فاختارَتْ نفْسَها".