باب دخول الحمام
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي المليح الهذلي:
أن نسوة من أهل حمص استأذن على عائشة، فقالت: لعلكن من اللواتي يدخلن الحمامات، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله" (3)
حذَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ مِنَ التَّعرِّي والتَّبرُّجِ، والتَّزيُّنِ بلِباسِ الجاهليَّةِ، وبيَّنَ العُقوبةَ الشَّديدةَ لِمَنْ فعَلَتْ ذلك منهنَّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابعيُّ أبو المَلِيحِ الهُذَليُّ: "إنَّ نِساءً مِن حِمْصَ -أو الشَّامِ-" وحِمْصُ مَدينةٌ بالشامِ، والشَّامُ: تقَعُ في الشَّمالِ مِن الجزيرةِ العربيةِ، وتضُمُّ حاليًّا: سُوريَةَ والأُرْدنَّ، وفِلَسطينَ ولُبنانَ، "دخَلْنَ على عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، فقالت: أنتُنَّ اللَّاتي تُدخِلْنَ نِساءكنَّ الحمَّاماتِ!" والحَمَّامُ مَوضِعُ الاغتِسالِ بالماءِ الحارِّ، ثمَّ قِيلَ لموضِعِ الاغتِسالِ بأيِّ ماءٍ كان، والمرادُ بها: أماكنُ الاستِحمامِ العامَّةُ، "سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ما مِن امرأةٍ تضَعُ ثِيابَها في غيرِ بَيتِ زَوجِها"، أي: تَتخفَّفُ مِن ثِيابِها وتَنْزِعُ مَلابِسَها، "إلَّا هتَكَتِ السِّترَ بيْنها وبيْن ربِّها"، أي: قطَعَتْ ومَزَّقَتْ ما بيْنها وبيْن اللهِ مِن السِّترِ والحَياءِ والصِّلَةِ، وفي هذا تحذيرٌ شَديدٌ مِن هذا الفِعلِ ونهْيٌ عنه، والمرادُ بهذا النَّهيِ: هو أنْ يكونَ خَلْعُها لثيابِها في مواطِنَ يُخشَى منها الفِتنةُ، وعدمُ الأمْنِ.
وقد ورَدَتْ أحاديثُ يُفِيدُ مَجموعُها مَشروعيَّةَ دُخولِ الرِّجالِ في الحمَّامِ مُتستِّرينَ، ومنْعَه للنِّساءِ مُطلَقًا، إلَّا للضَّرورةِ كالمرَضِ والنِّفاسِ؛ ومنها رِوايةُ النَّسائيِّ مِن قولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يَدخُلِ الحمَّامَ بغيرِ إزارٍ، ومَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يُدخِلْ حَلِيلتَه الحمَّامَ"، وفي رِوايةٍ: "إلَّا مِن عُذْرٍ".
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن خَلْعِ المرأةِ ثِيابَها خارجَ بيتِ زَوجِها .