باب دية الجنين 3
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا ابن جريج، حدثني عمرو بن دينار، أنه سمع طاوسا، عن ابن عباس
عن عمر بن الخطاب أنه نشد الناس قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، يعني في الجنين، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين امرأتين لي، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها، وقتلت جنينها، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بغرة (1)، وأن تقتل بها (2).
كان أصحابُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصونَ أشدَّ الحرْصِ على اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَبحَثون في سُنَّتِه عمَّا ينفَعُهم في دُنياهم وآخِرتِهم.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ نَشَدَ قَضاءَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك"، وفي رِوايةِ ابنِ ماجه: "يَعني في الجنينِ"، والمُرادُ: أنَّ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنه أثناءَ خلافَتِه بحَثَ بين أصحابِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عمَّا إذا قَضى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في دِيَةِ الجنينِ إذا قُتِلَ، "فقام حمَلُ بنُ مالكٍ، فقال: كنتُ بين حُجْرتيِ امرأتَينِ"، وهذا كِنايةٌ عن أنَّهما زَوجتاه، وذلك في عَهدِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: "فضرَبَتْ إحداهما الأُخرى بمِسطَحٍ"، والمِسطحُ: عودٌ من أعوادِ الخباءِ يُخْبَزُ به، "فقتَلَتْها وجنينَها"، والجنين يُطلَقُ على الولدِ إذا ما ظلَّ في بطْنِ أُمِّه، قال حمَلٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فقَضى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جَنينِها بغُرَّةٍ"، والغُرَّةُ: الجزءُ الأبيضُ الَّذي يكونُ في وجْهِ الفرسِ، والغُرَّةُ في هذا الحديثِ: عَلَمٌ على العبْدِ أو الأَمَةِ، "وأنْ تُقتَلَ بها"، أي: أنْ تُقتَلَ القاتلةُ بالمقتولةِ قِصاصًا، ودِيةُ الجَنين عَبدٌ أو أمَة.