باب دية شبه العمد مغلظة 3

سنن ابن ماجه

باب دية شبه العمد مغلظة 3

حدثنا محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هانئ، حدثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة
عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل الدية اثني عشر ألفا (2).

قَوْلُهُ : ( إِنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ) أَيْ : مِنَ الدَّرَاهِمِ . قَوْلُهُ : ( وفِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ كَلَامٌ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا ) رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ سُنَّتِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا .

قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : اخْتَلَفُوا فِي الْفِضَّةِ فَذَهَبَ الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاللَّهِ إِلَى أَنَّهَا عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ إِلَى أَنَّهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ . انْتَهَى ، واسْتُدِلَّ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ، وَغَيْرُهُمَا بِحَدِيثِ الْبَابِ ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَيُعَارِضُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِ مِائَةَ دِينَارٍ ، أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ . الْحَدِيثَ ، ولَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي : حَدِيثَ الْبَابِ فِيهِ إِثْبَاتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، وَهُوَ مُثْبَتٌ ، فَيُقَدَّمُ عَلَى النَّافِي كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ ، وَكَثْرَةُ طُرُقِهِ تَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ ، وَالرَّفْعُ زِيَادَةٌ إِذَا وَقَعَتْ مِنْ طَرِيقِ ثِقَةٍ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهَا . انْتَهَى ( وَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الدِّيَةَ عَشْرَةَ آلَافٍ ) أَيْ : مِنَ الدَّرَاهِمِ ( وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ [ ص: 539 ] الْكُوفَةِ ) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ : لَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدِّيَةِ فِي قَتِيلٍ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ، قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ : لَمْ أَجِدْهُ ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْآثَارِ مَوْقُوفًا ، وكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَالْبَيْهَقِيُّ ( وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا أَعْرِفُ الدِّيَةَ إِلَّا مِنَ الْإِبِلِ ، وَهِيَ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ) اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وفِيهِ : وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ . الْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ أَنْوَاعِ الدِّيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْوُجُوبِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْقَاسِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : وَبَقِيَّةُ الْأَصْنَافِ كَانَتْ مُصَالَحَةً لَا تَقْدِيرًا شَرْعِيًّا ، وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ : بَلْ هِيَ مِنَ الْإِبِلِ لِلنَّصِّ ، وَمِنَ النَّقْدَيْنِ تَقْوِيمًا إِذْ هُمَا قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ ، وَمَا سِوَاهُمَا صُلْحٌ . انْتَهَى .