باب ذكر الله عز وجل على الخلاء والخاتم في الخلاء
سنن ابن ماجه
حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن خالد بن سلمة، عن عبد الله البهي، عن عروةعن عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر الله عز وجل على كل أحيانه (1).
قالَ تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41]، والذِّكرُ قد يكونُ بالقلبِ وقد يكونُ باللِّسانِ، وكان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَظٌّ وافِرٌ من هذَين النَّوعَينِ، فكان أكثرَ النَّاسِ ذِكرًا لله تَعالَى بقلبِه ولِسانِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ تَروي عائشةُ أمُّ المؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَذكُرُ اللهَ تَعالَى في كلِّ أحوالِه وفي كلِّ أوقاتِه، إلَّا الحالاتِ الَّتي يُمتَنَعُ فيها عنِ الذِّكرِ، كقَضاءِ الحاجةِ، وحالةِ الجِماعِ، ونحوِها، حيثُ كانَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَديدَ الحِرصِ على ذِكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، كالتَّسبيحِ والتَّهليلِ، والتَّكبيرِ والتَّحميدِ، ونحوِها مِنَ الأذكارِ، وقد علَّمَنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أفضَلَ الأذكارِ وأحسَنَها أجرًا، ومنها ما يَصلُحُ في جَميعِ الأوقاتِ، ومنها ما يَختَصُّ بوَقتٍ أو مَكانٍ، وأيضًا مِنَ الأذكارِ ما لا يَختَصُّ منها بعدَدٍ، ومنها المقيَّدُ بعدَدٍ.
وفي قولِها: «على كلِّ أحيانِه» إشارةٌ إلى أنَّ ذِكرَ اللهِ لا يَختَصُّ بهَيئةٍ مُعيَّنةٍ كالَّتي تَختَصُّ بالصَّلاةِ والطَّوافِ وبقِراءةِ القُرآنِ؛ مِنَ الطَّهارةِ والوُضوءِ ونحوِهما، ويَكونُ المقصودُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَذكُرُ اللهَ تَعالَى مُتطهِّرًا، ومُحدِثًا، وجُنبًا، وقائمًا، وقاعِدًا، ومُضطجِعًا، وماشِيًا.