باب رجم ماعز بن مالك
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة قال رأيت ماعز بن مالك حين جىء به إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- رجلا قصيرا أعضل ليس عليه رداء فشهد على نفسه أربع مرات أنه قد زنى. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « فلعلك قبلتها ». قال لا والله إنه قد زنى الآخر. قال فرجمه ثم خطب فقال « ألا كلما نفرنا فى سبيل الله عز وجل خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة أما إن الله إن يمكنى من أحد منهم إلا نكلته عنهن ».
( أعضل ) : بالضاد المعجمة أي مشتد الخلق قاله النووي وقال الحافظ وفي لفظ ذو عضلات بفتح المهملة ثم المعجمة قال أبو عبيدة العضلة ما اجتمع من اللحم في أعلى باطن الساق . وقال الأصمعي كل عصبة مع لحم فهي عضلة . وقال ابن القطاع العضلة لحم الساق والذراع وكل لحمة مستديرة في البدن ، والأعضل الشديد الخلق ، ومنه أعضل الأمر إذا اشتد لكن دلت الرواية الأخرى على أن المراد به هنا كثير العضلات انتهى ( فشهد على نفسه أربع مرات ) : احتج به من قال إن الإقرار بالزنا لا يثبت حتى يقر أربع مرات ( قبلتها ) : من التقبيل ( إنه قد زنى الأخر ) : بهمزة مقصورة وخاء مكسورة معناه الأرذل والأبعد والأدنى ، وقيل اللئيم ، وقيل الشقي وكله متقارب ، ومراده نفسه فحقرها وعابها لا سيما وقد فعل هذه الفاحشة قاله النووي وقال السيوطي الأخر بوزن الكبد أي الأبعد المتأخر عن الخير ( فرجمه ) : أي أمر برجمه ( ألا ) : بالتخفيف حرف التنبيه ( كلما نفرنا في سبيل الله ) : وفي رواية لمسلم كلما نفرنا غازين في سبيل الله ( خلف أحدهم ) : أي بقي خلف الغزاة خليفة لهم في أهاليهم ويخون في نسائهم ( له ) : أي للرجل الخليفة ( نبيب ) : بنون ثم موحدة ثم ياء تحتية ثم موحدة على وزن الأمير هو صوت التيس عند السفاد ( كنبيب التيس ) : في القاموس التيس الذكر من الظباء والمعز ( يمنح ) : أي يعطي ( إحداهن الكثبة ) : بضم الكاف وإسكان المثلثة القليل من اللبن وغيره قاله النووي . وفي النهاية الكثبة كل قليل جمعته من طعام أو لبن أو غير ذلك والجمع كثب . والمعنى أي يعمد أحدكم إلى المغيبة فيخدعها بالقليل من اللبن وغيره فيجامع معها ( إن يمكنني من أحد منهم ) : كلمة إن نافية ( إلا نكلته ) : أي عذبته بالرجم أو الجلد . وعند مسلم أما والله إن يمكنني من أحد لأنكلنه عنه وفي رواية له إن الله لا يمكنني من أحد منهم إلا جعلته نكالا وفي رواية له علي أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به
قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي ، وحكى أبو داود عن شعبة أنه قال سألت سماكا عن الكثبة فقال اللبن القليل . ( والأول أتم ) : المراد من الأول الحديث المتقدم ( قال فرده مرتين ) : أي رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزبن مالك مرتين ( فقال إنه رده أربع مرات ) : قال الحافظ وأخرجه مسلم من طريق شعبة عن سماك قال فرده مرتين وفي أخرى مرتين أو ثلاثا . قال شعبة قال سماك فذكرته لسعيد بن جبير فقال إنه رده أربع مرات . ووقع في حديث أبي سعيد عند مسلم أيضا فاعترف بالزنا ثلاث مرات والجمع بينها أما رواية مرتين فتحمل على أنه اعترف مرتين في يوم ومرتين في يوم آخر لما يشعر به قول بريدة فلما كان من الغد فاقتصر الراوي على إحداهما أو مراده اعترف مرتين في يومين فيكون من ضرب اثنين في اثنين . وقد وقع عند أبي داود من طريق إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا مرتين فطرده ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين . وأما رواية الثلاث فكان المراد الاقتصار على المرات التي رده فيها . وأما الرابعة فإنه لم يرده بل استثبت فيه وسأل عن عقله ، لكن وقع في حديث أبي هريرة عند أبي داود من طريق عبد الرحمن بن الصامت ما يدل على أن الاستثبات فيه إنما وقع بعد الرابعة ولفظه جاء الأسلمي فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل في الخامسة فقال تدري ما الزاني إلى آخره . والمراد بالخامسة الصفة التي وقعت منه عند السؤال والاستثبات لأن صفة الإعراض وقعت أربع مرات وصفة الإقبال عليه للسؤال وقع بعدها انتهى