باب ركوب النمور2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن أبي المعتمر، عن ابن سيرين
عن معاوية، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن ركوب النمور (1)
كان الصَّحابيُّ الجليلُ معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رضِيَ اللهُ عنه كاتبَ وَحْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد شَهِدَ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمورًا كثيرةً، وهو في هذا الحَديثِ يَذكُرُ لأصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعْضَ المَناهي، ويَستشهِدُهم عليها، فيقول لهم: هل تَعلَمونَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن كذا وكذا، وعن رُكوبِ جُلودِ النُّمورِ؟ أي: نَهى أنْ تُفْرَشَ جُلودُها للجُلوسِ عليها، و"النُّمورُ" هي السِّباعُ، وهي أَجْرَأُ من الأُسْدِ وأَخْبَثُ. قالوا: نَعَمْ، ولعَلَّ سببَ نَهْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنها أنَّ جِلدَها نَجِسٌ لا يَقْبَلُ الدَّبْغَ ، أو: أنَّ النَّهْيَ من أجْلِ أنَّها مَرْكَبُ أهلِ الخُيَلاءِ والكِبْرِ، وتتَّخِذُها الأعاجمُ لِباسَ زينةٍ، فنَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التَّشَبُّهِ بهم.
ثمَّ قال معاويةُ: فتَعلَمونَ أنَّه نَهى أنْ يُقْرَنَ بين الحَجِّ والعُمْرَةِ، فقالوا: أمَّا هذا فلا، أي: ليس عندنا عِلْمٌ بهذا، ولم يُوافِقِ الصَّحابةُ معاويةَ على هذا القولِ؛ فقال: أمَا إنَّها معهُنَّ، أي: في النَّهْيِ، ولكنَّكم نَسِيتُمْ، ولعَلَّ معاويةَ تأوَّلَ أمْرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه في حَجَّتِه بالإحلالِ، فشَقَّ عليهم ذلك، وكان قارِنًا، فقال: لو استقبلْتُ من أَمْري ما استدبرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ، فحَمَلَ معاويةُ كلامَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ على النَّهْيِ، أو: اشتَبَه عليه نَهْيُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن مُتْعَةِ النِّساءِ بمُتْعَةِ الحجِّ؛ ولهذا أنْكَرَ الصَّحابةُ عليه ذلك.