باب رمي الجمار راكبا1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن الحكم، عن مقسم
عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمرة على راحلته (3
لقد ضرَب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَثَلَ الأعْلى في التَّواضُعِ وحُسْنِ الخُلُقِ والتَّعامُلِ مع النَّاسِ، وفي مَناسكِ الحجِّ حيثُ الجُموعُ والتَّزاحُمُ كان يمشي بين النَّاسِ كواحدٍ منهم، بل يرفُقُ بهم ويأمُرُ بذلك، كما يقول قُدامةُ بنُ عبدِ اللهِ العامريُّ رضِيَ اللهُ عنه في هذا الحديثِ: "رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَرْمِي جَمرةَ العَقبةِ يومَ النَّحرِ، أي: في حَجَّةِ الوَداعِ، وهي مِن أعمالِ الحجِّ وتُؤدَّى يومَ النَّحرِ، العاشرَ مِن ذي الحَجَّةِ، "على ناقةٍ له صَهباءَ" وهي الَّتي يُخالِطُ بَياضَها حُمرةٌ، وذلك بأنْ يَحمَرَّ أعلى الوبَرِ، وتَبْيضَّ أجوافُه، والصُّهبةُ كالشُّقرةِ، وقولُه: "لا ضَرْبَ"، أي: عندَ الزِّحامِ والمُدافعةِ، فلا يضرِبُ أحدٌ أمامَه، "ولا طَرْدَ"، أي: لا يُبْعِدُ أحدٌ مَن عنده، "ولا: إليكَ إليكَ"، أي: لا يُقالُ: تنَحَّ وابتعِدْ، والمُرادُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في الحجِّ على سَجِيَّتِه المُتواضعةِ، فلا فِعْلٌ يصدُرُ للضَّربِ والطَّرْدِ، ولا قولٌ يُسْمَعُ للتَّبعيدِ والتَّنْحِيَةِ، وهذا على عَكسِ ما أحدَثَه النَّاسُ بعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مِثْلِ تلك الأعمالِ مِن المُزاحمةِ والطَّردِ، ويصِلُ ببعضِهم أحيانًا إلى الضَّربِ ومنْعِ غيرِه.