باب سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية؛ فأراهم انشقاق القمر 3

بطاقات دعوية

باب سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية؛ فأراهم انشقاق القمر 3

 عن أنس رضي الله عنه أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون (537 - وفي طريق معلقة أنهما أسيد بن حضير، وعباد بن بشر 4/ 228) خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة، ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منها واحد، حتى أتى أهله.

اللهُ سُبحانه وتَعالَى يَخصُّ مَن يَشاءُ مِن عِبادِه الصَّالحينَ بالكَراماتِ، ويُجري على أيديهِم ما يَخرِقُ العَاداتِ؛ إظهارًا لِكرامتِهم وصَلاحِهم، كما يُؤيِّدُ أنبياءَه بالمُعجزاتِ.

وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه عن كَرامةٍ وَقَعَت لِرَجُلينِ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهما عبَّادُ بنُ بِشرٍ وأُسيْدُ بْن حُضيرٍ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ، حيثُ كانا عنْدَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في لَيلةٍ مُظلمةٍ، فلمَّا خرَجَا مِن عندِه جَعَلَ اللهُ تعالَى أمامَهما نُورينِ إكرامًا لهما، ومُعجزةً للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إذ خصَّ بعضَ أصحابِه بمِثلِ هذه الكَرامةِ عندَ حاجتِهم إلى النُّورِ، وقيل: السِّرُّ في ذلك ما رواهُ أبو داودَ مِن حَديثِ بُريدةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «بَشِّرِ المَشَّائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنُّورِ التَّامِّ يومَ القيامةِ»، فعجَّلَ اللهُ لهما ممَّا ادَّخَرَ في الآخِرةِ، وكان هذا النُّورُ يَتحرَّكُ معهمَا مِثلَ المِصباحينِ يُضيئانِ لهما طَريقَهما، فلمَّا افتَرَقا ليَذهَبَ كلُّ واحدٍ منهما إلى بَيتِه صارَ مع كلِّ واحدٍ منهما هذا النَّورُ إلى أنْ ذهَبَ إلى بَيتِه، وفي رِوايةِ أحمَدَ: «وبيَدِ كلِّ واحدٍ منهما عُصَيَّةٌ، فأضاءت عَصا أحدِهما لهما حتى مَشَيَا في ضَوئِها، حتى إذا افتَرَقَ بهما الطَّريقُ أضاءتْ للآخَرِ عَصاهُ».

وفي الحديثِ: فَضْلٌ ومَنقَبةٌ لهذَينِ الصَّحابيَّينِ الجَليلينِ.

وفيه: إثباتُ الكرامةِ لأولياءِ الرَّحمنِ في سائِرِ العُصورِ والأزمانِ حتَّى قِيامِ الساعةِ.