باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة
بطاقات دعوية
عن عائشةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ:
" إذا وُضع العَشاءُ، وأُقيمت الصلاةُ (وفي روايةٍ: إذا أقيمت الصلاةُ، وَحَضَرَ العَشَاءُ)؛ فابدَؤا بالعَشاءِ".
الصَّلاةُ صِلةٌ بيْن العبْدِ وربِّه، يَقِفُ فيها بيْن يَدَي اللهِ عزَّ وجلَّ خاشعًا مُتضرِّعًا، يَرْجو رَحمةَ اللهِ ويَخْشى عِقابَه، ومِن ثَمَّ يَنْبغي أنْ يُفرِّغَ العبدُ قَلْبَه مِن الشَّواغلِ قبْلَ الدُّخولِ في الصَّلاةِ؛ لكَيْلَا يَضيعَ أجْرُه، وحتَّى يَنالَ الأجْرَ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ كاملًا غيرَ مَنقوصٍ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا صادَفَ وَضْعُ الطَّعامِ وَقتَ العَشاءِ وأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فالبَدءُ يكونُ بتَقديمِ طَعامِ العَشاءِ، ولا يَتَّعجَّلُ الرَّجلُ في الذَّهابِ إلى الصَّلاةِ حتَّى يَفرُغَ مِن طَعامِه. وكان ابنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما يُوضَعُ له الطَّعامُ -سواءٌ أكان طَعامَ عَشاءٍ أو غيرِه- وتُقامُ الصَّلاةُ مَغرِبًا أو غيرَها، فلا يَأتي الصَّلاةَ حتَّى يَفرُغَ مِن أكْلِه، حتَّى وإنْ بَدَأَ الإمامُ في الصَّلاةِ؛ فقدْ كان رَضيَ اللهُ عنه يستمرُّ في طعامِه وإنَّه لَيَسمَعُ قِراءةَ الإمامِ في الصَّلاةِ، وذلك مِن فِقهِ ابنِ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما؛ فإنَّ مِن فِقهِ المَرءِ إقبالَه على حاجتِه حتَّى يُقبِلَ على صَلاتِه وقَلْبُه فارغٌ مِن الشَّواغلِ الدُّنياويَّةِ؛ لِيَقِفَ بيْن يَدَي الرَّبِّ عزَّ وجلَّ على أكمَلِ حالٍ.
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في تَجريدِ النَّفسِ عن الشَّواغلِ الدُّنيويَّةِ أثناءَ الصَّلاةِ.
وفيه: تَقديمُ فَضيلةِ الخُشوعِ في الصَّلاةِ على فَضيلةِ أوَّلِ الوقتِ، ولو فاتتْه الجماعةُ، مع عدَمِ اتِّخاذِ ذلك عادةً.