باب صلاة الضحى

باب صلاة الضحى

حدثنا أحمد بن منيع عن عباد بن عباد ح وحدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد - المعنى - عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبى ذر عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة تسليمه على من لقى صدقة وأمره بالمعروف صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الأذى عن الطريق صدقة وبضعة أهله صدقة ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى ». قال أبو داود وحديث عباد أتم ولم يذكر مسدد الأمر والنهى زاد فى حديثه وقال كذا وكذا وزاد ابن منيع فى حديثه قالوا يا رسول الله أحدنا يقضى شهوته وتكون له صدقة قال « أرأيت لو وضعها فى غير حلها ألم يكن يأثم ».

نعم الله على الإنسان كثيرة؛ فلو عدها الإنسان ما استطاع حصرها كما قال تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [النحل: 18]، وعلى المسلم أن يجتهد في شكر الله عز وجل على هذه النعم
وفي هذا الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة»، والسلامى في الأصل: عظام الأصابع، والمراد بها هنا: جميع العظام؛ فتركيب هذه العظام والمفاصل من أعظم نعم الله على عبده، فيحتاج كل عظم من عظام جسده ومفاصله إلى صدقة يتصدق بها ابن آدم؛ شكرا لله على هذه النعمة، فيبين النبي صلى الله عليه وسلم كيف يتصدق ابن آدم عن كل هذه العظام، فيقول عن هذه الصدقات: «تسليمه على من لقي صدقة» أي: إفشاء السلام على أخيه المسلم الذي يلقاه صدقة، «وأمره بمعروف صدقة، ونهيه عن المنكر صدقة»؛ لأن الأمر بالمعروف إيصال الخير للناس، والنهي عن المنكر كف للعصيان والشر عنهم، «وإماطته الأذى عن الطريق صدقة» أي: إبعاد كل ما يؤذي الناس في طريقهم من حجر أو شوك أو غيره، «وبضعة أهله صدقة»، أي: مباشرة بضع امرأته بالجماع، والبضع: يطلق على عقد النكاح والجماع معا، وعلى الفرج

وفي رواية: قالوا: يا رسول الله، أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة؟ أي: تعجبوا: كيف نؤجر على قضاء شهوتنا وتحتسب لنا صدقة؟! فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم»، أي: كما أنه يأثم في الحرام فإنه يؤجر في الحلال وتكون له صدقة
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويجزئ من ذلك كله»، أي: يكفي من هذه الصدقات عن هذه الأعضاء (ركعتان من الضحى)، أي: صلاة الضحى؛ وذلك لأن الصلاة عمل لجميع أعضاء الجسد. ووقت صلاة الضحى بعد شروق الشمس قدر رمح أي بعد خمس عشرة دقيقة من شروق الشمس تقريبا إلى قبيل الظهر أي قبله بعشر دقائق تقريبا، وأفضل وقتها حين ترمض الفصال، أي: حين تحترق أخفاف صغار الإبل من شدة حر الرمال، فتبرك من أجل ذلك؛ فالصلاة في هذا الوقت أفضل؛ لأن النفوس تميل في هذا التوقيت إلى الراحة والدعة
وفي الحديث: صيرورة المباحات بالنيات الصالحة إلى طاعات
وفيه: بيان فضل صلاة الضحى، والترغيب فيها