باب صلاة العيدين
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن حميد، عن أنس، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر "
قال النووي : هي عند الشافعي وجمهور أصحابه وجماهير العلماء سنة مؤكدة وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية هي فرض كفاية . وقال أبو حنيفة : هي واجبة ، فإذا قلنا فرض كفاية فامتنع أهل موضع من إقامتها قوتلوا عليها كسائر فروض الكفاية وإذا قلنا إنها سنة لم يقاتلوا بتركها كسنة الظهر وغيرها وقيل يقاتلون لأنها شعار ظاهر . قالوا وسمي عيدا لعوده وتكرره ، وقيل لعود السرور فيه ، وقيل تفاؤلا بعوده على من أدركه كما سميت القافلة حين خروجها تفاؤلا لقفولها سالمة وهو رجوعها وحقيقتها الراجعة
( قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ) أي من مكة بعد الهجرة ، ( ولهم ) أي لأهل المدينة ( يومان ) وهما يوم النيروز ويوم المهرجان ، كذا قاله الشراح . وفي القاموس النيروز أول يوم السنة معرب نوروز ، والنوروز مشهور وهو أول يوم تتحول الشمس فيه إلى برج الحمل ، وهو أول السنة الشمسية ، كما أن غرة شهر المحرم أول السنة القمرية . وأما مهرجان فالظاهر بحكم مقابلته بالنيروز أن يكون أول يوم الميزان ، وهما يومان معتدلان في الهواء لا حر ولا برد ويستوي فيهما الليل والنهار فكأن الحكماء المتقدمين المتعلقين بالهيئة اختاروهما للعيد في أيامهم وقلدهم أهل زمانهم لاعتقادهم بكمال عقول حكمائهم ، فجاء الأنبياء وأبطلوا ما بنى عليه الحكماء
( في الجاهلية ) أي في زمن الجاهلية قبل أيام الإسلام ( أبدلكم بهما خيرا ) الباء هنا داخلة على المتروك وهو الأفصح أي جعل لكم بدلا عنهما خيرا ( منهما ) أي في الدنيا والأخرى وخيرا ليست أفعل تفضيل إذ لا خيرية في يوميهما ( يوم الأضحى ويوم الفطر ) بدل من " خيرا " أو بيان له ، وقدم الأضحى فإنه العيد الأكبر قاله الطيبي ، ونهى عن اللعب والسرور فيهما أي في النيروز والمهرجان . وفيه نهاية من اللطف ، وأمر بالعبادة لأن السرور الحقيقي فيها قال الله تعالى : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا قال المظهر : فيه دليل على أن تعظيم النيروز والمهرجان وغيرهما أي من أعياد الكفار منهي عنه
قال أبو حفص الكبير الحنفي : من أهدى في النيروز بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى وأحبط أعماله وقال القاضي أبو المحاسن الحسن بن منصور الحنفي : من اشترى فيه شيئا لم يكن يشتريه في غيره أو أهدى فيه هدية إلى غيره ، فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة ، فقد كفر ، وإن أراد بالشراء التنعم ، والتنزه ، وبالإهداء النحاب جريا على العادة ، لم يكن كفرا ، لكنه مكروه كراهة التشبيه بالكفرة حينئذ فيحترز عنه . قاله علي القاري .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي .