باب صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة
بطاقات دعوية
عن سعيد بن جبير قال: أفضنا مع ابن عمر حتى أتينا جمعا فصلى بنا المغرب والعشاء بإقامة واحدة ثم انصرف فقال هكذا صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المكان. (م 4/ 75)
حرَصَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم على الاقْتداءِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كلِّ شَيءٍ، لا سيَّما العِباداتُ، ومنها فَريضةُ الحجِّ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوِي التَّابِعيُّ سَعيدُ بنُ جُبَيرٍ ما حدَثَ من عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما في الحجِّ، فيُخبِرُ أنَّهم أفاضوا معَ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما من عَرفاتٍ -والإفاضةُ هي الرُّجوعُ- حتَّى جاؤوا جمْعًا، وهي المُزدَلِفةُ، وهي ثالثُ المشاعِرِ المقدَّسةِ الَّتي يمُرُّ بها الحَجيجُ، وتقَعُ بينَ مَشعَريْ مِنًى وعَرَفاتٍ ويَبيتُ الحجَّاجُ بها بعدَ نَفْرتِهم من عَرَفاتٍ في آخِرِ يومِ التَّاسعِ من ذي الحِجَّةِ، ثُمَّ يُقيمونَ فيها صلاتَيِ المغرِبِ والعِشاءِ جمعًا وقَصرًا، ويَجمَعونَ فيها الحَصى لرَميِ الجَمَراتِ بمنًى، ويمكُثُ فيها الحجَّاجُ حتَّى صباحِ اليومِ التَّالي يومِ عيدِ الأضْحى ليُفيضوا بعدَ ذلك إلى منًى، وسُمِّيَتْ جَمْعًا لاجتِماعِ النَّاسِ لها، فصلَّى بهمُ ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما المغربَ والعِشاءَ بإقامةٍ واحدةٍ، ولم يُصلِّ بينَهما نافلةً، ثمَّ انصرَفَ؛ وكَيفيَّةُ ذلك: أنْ يُقيمَ الصَّلاةَ، فيُصلِّيَ المغرِبَ ثلاثَ رَكَعاتٍ ويُسلِّمَ، ثُمَّ يُصلِّيَ العِشاءَ رَكعَتينِ، وإنَّما فعَلَ ذلكَ لأنَّه رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُ ذلك، فقالَ: «هكذا صلَّى بِنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا المكانِ»، أي: في المُزدلِفةِ. وقدْ فسَّرَتْ ذلك رِوايةٌ أُخْرى للحَديثِ عندَ مُسلمٍ، قالَ فيها ابنُ عُمرَ: جَمعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بينَ المغربِ والعِشاءِ بجمْعٍ- أي: في المُزدَلِفةِ- صلَّى المغربَ ثلاثًا، والعِشاءَ ركعتَينِ بإقامةٍ واحدةٍ. وفي رِوايةٍ في البُخاريِّ ذكَرَ ابنُ عُمرَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى المغربَ والعِشاءَ كلَّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ.
وفي الحَديثِ: الجَمعُ بينَ المغربِ والعِشاءِ في المُزدَلِفةِ.