باب طواف الإفاضة يوم النحر
بطاقات دعوية
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى. قال نافع فكان ابن عمر يفيض يوم النحر ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى ويذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله. (م 4/ 84
الحجُّ هو الرُّكنُ الخامسُ مِن أركانِ الإسْلامِ، وقدْ بيَّنَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَناسِكَ الحجِّ بأقْوالِه وأفْعالِه، ونَقَلَها لنا الصَّحابةُ الكِرامُ رَضيَ اللهُ عنهم كما تَعلَّموها منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ الجليلُ عبْدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهُما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وهو في حَجَّةِ الوَداعِ في السَّنةِ العاشِرةِ- «أَفاضَ يومَ النَّحرِ»، أي: طافَ بالبيتِ الحرامِ طَوافَ الإفاضةِ، وهُوَ الطَّوافُ بالبيتِ الَّذِي يَعقُبُ الوُقوفَ بعَرَفةَ ورَمْيَ الجَمْرةِ الكُبرَى، وسُمِّيَ بذلك؛ لأنَّ الحاجَّ يأتِي بَعدَ إفاضتِه مِن مِنًى إلى مَكَّةَ، ويومُ النَّحرِ هو العاشرُ مِن ذي الحِجَّةِ، وهو الموافقُ عيدَ الأضْحى، وسُمِّيَ بذلك؛ لِما يَجْري فيه مِن نَحْرِ الهَدْيِ والأضاحيِّ، ويُخبِرُ ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجَعَ بعدَ ذلك، فصلَّى الظُّهرَ بِمِنًى، وهو وادٍ تُحيطُ به الجبالُ، يقَعُ في شَرقِ مكَّةَ، على الطَّريقِ بينَ مكَّةَ وجبَلِ عَرَفةَ. وتُعرَفُ مِنًى بأنها موضِعُ أداءِ شعائرِ الحجِّ ومَبيتُ الحجَّاجِ في يومِ التَّرويةِ، ويومِ النَّحرِ، وأيَّامِ التَّشريقِ، حيث إنَّ فيها موقِعَ رَميِ الجَمَراتِ، والَّتي تتمُّ بينَ شُروقِ وغُروبِ الشَّمسِ في تلك الأيَّامِ منَ الحجِّ، ويُذبَحُ فيها الهَديُ.
وقيلَ: صَلاتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الظُّهرَ كانتْ بمكَّةَ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ عن جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه: «ثُمَّ ركِبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأفاضَ إلى البيتِ، فصلَّى بمكَّةَ الظُّهرَ»، قيلَ: الحاصِلُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طافَ طوافَ الإفاضةِ، ثُمَّ دخَلَ وقتُ الظُّهرِ، فصلَّى الظُّهرَ بمكَّةَ في أوَّلِ وَقتِها، ثُمَّ رجَعَ إلى مِنًى، فوجَدَ النَّاسَ يَنتَظرونَه للصَّلاةِ معَه، فصلَّى بهم مرَّةً أُخرى، فبهذا تجتمِعُ الأحاديثُ دونَ حاجةٍ إلى تَرْجيحِ بعضِها على بعضٍ.
فأخبَرَ نافعٌ -وهوَ مَوْلى ابنِ عُمرَ، والرَّاوي عنه هذا الحَديثَ- أنَّ ابنَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما كان يفعَلُ مثلَ ذلك، ويُخبرُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فعَلَه؛ وذلك لأنَّ ابنَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما كان شَغوفًا بمُتابَعةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جَميعِ أعْمالِه، في السَّفَرِ والحضَرِ.