باب صيام يوم عاشوراء 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة
عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم عاشوراء، ويأمر بصيامه (2).
يومُ عاشوراءَ -أي: اليومُ العاشِرُ مِن شَهرِ اللهِ المُحرَّمِ- مِن أيَّامِ اللهِ المُبارَكةِ؛ نَجَّى اللهُ عزَّ وجلَّ فيه نَبيَّه مُوسى عليه السَّلامُ مِن فِرعونَ وجُندِه، وعَظَّمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا اليومَ، فصامَه وأمَرَ المسلِمينَ بصِيامِه؛ شُكرًا للهِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صامَ يومَ عاشوراءَ، وأمَرَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم بصِيامِه. وقد ورَدَتْ رِواياتٌ في أسبابِ صِيامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ عاشُوراءَ؛ منها ما جاء في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّه يَومٌ نجَّى اللهُ فيه مُوسَى مِن فِرعَونَ، وكانت تَصومُه اليَهُودُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنا أَوْلَى بِمُوسَى مِنهم، فصامَه. ومنها ما في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «كان يَومًا يَصومُه أهلُ الجاهِليَّةِ، فمَن أحبَّ مِنكُم أنْ يَصومَه فَلْيَصُمْه، ومَن كَرِه فَلْيَدَعْهُ».
وقدْ جاء في فَضْلِ صِيامِه أنَّه يُكفِّرُ ذُنوبَ سَنةٍ قَبْلَه، كما في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنه.
ثمَّ أخبَرَ ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهُما أنَّه لَمَّا فُرِض صِيامُ شَهْرِ رَمَضانَ في السَّنةِ الثانيةِ مِن الهِجرةِ، تُرِكَ صِيامُ يومِ عَاشُورَاءَ على سَبيلِ الفرْضِ، لكنْ بقِيَ صَومُه نفْلًا.
وأخبَرَ نافعٌ مَولى ابنِ عمَرَ أنَّ عَبدَ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه كان لا يَقصِدُه بصِيامٍ إلَّا إذا أتَى بيْن أيَّامِ صَومِه؛ فإنَّه يَصومُه على عادتِه لا لتَنفُّلِه بعاشوراءَ. وقد تَرَكَ ابنُ عمَرَ صِيامَه مَخافةَ أنْ يُظَنَّ وُجوبُه، أو أنْ يُعظَّمَ في الإسلامِ كالجاهليَّةِ.