باب غسل الإناء من ولوغ الكلب 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي رزين، قال:
رأيت أبا هريرة يضرب جبهته بيده، ويقول: يا أهل العراق، أنتم تزعمون أني أكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون لكم المهنأ وعلي الإثم، أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبع مرات" (1).
لقدْ حَضَّ الإسلامُ على الطَّهارةِ والنَّظافةِ؛ ممَّا يُؤدِّي إلى التطهُّرِ مِن النَّجاساتِ والوِقايةِ مِن الأمراضِ، كما حَضَّ على حُسنِ الهَيئةِ والابتِعادِ عن رَذائلِها؛ كما في هذا الحديثِ، حيثُ يأمُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بطهارةِ آنيةِ الطَّعامِ والشَّرابِ؛ فيقول: "إذا ولَغَ الكلْبُ في إناءِ أحَدِكم"، أي: إذا أكَلَ أو شرِبَ منه الكلْبُ وسال لُعابُه فيه، "فلْيغْسِلْه سبْعَ مرَّاتٍ"، وتكونُ إحْدَى هذه المرَّاتِ السَّبْعِ بالتُّرابِ، كما ورَدَ في رِوايةِ النَّسائيِّ وفيها: "إحداهنَّ بالتُّرابِ"، وفي روايةٍ لمسلمٍ: "أُولاهُنَّ بالتُّرابِ"، وفي روايةٍ أخرى عند مُسلِمٍ أيضًا: "وعَفِّروه الثامنةَ في التُّرابِ". وقدْ اختُصَّ الكلْبُ بهذا؛ لِمَا يُعرَفُ عن الكَلْبِ مِن نَجاسةٍ، وحمْلِه للأمراضِ في لُعابِه، ولا فرْقَ بين أنواعِ الكِلابِ في ذلك، سَواءٌ ما أُبِيحَ اقتناؤُه؛ ككَلبِ الصَّيدِ، أو لم يُبَحِ اقتناؤُه.
ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإذا انقَطَعَ شِسْعُ أحَدِكم"، وهو أحدُ سُيورِ النِّعالِ، وهو الَّذي يَدخلُ بيْن الإِصبعَينِ ويَدخلُ طَرفُه في الثَّقبِ الَّذي في صَدْرِ النَّعلِ المَشدودِ في الزِّمامِ، والزِّمامُ هو السَّيرُ الَّذي يُعقَدُ فيه الشِّسْعُ، "فلا يَمْشِ في نَعلِه الأُخرى حتَّى يُصلِحَها"، أي: لا يَمْشِ بِواحدةٍ، بلْ يُصلِحِ الأُولى ويَمْشِ بهما معًا، وهذا للحِفاظِ على حُسنِ الهيئةِ، وعدَمِ التَّعثُّرِ، والبُعدِ عن الشُّهرةِ.
في الحَديثِ: الحَضُّ على اتِّباعِ سُبلِ الوِقايةِ مِن الأمراضِ.
وفيه: النَّهيُ عن المشي في نَعلٍ واحدةٍ.