باب فسخ الحج1
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني عطاء
عن جابر بن عبد الله، قال: أهللنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج خالصا، لا نخلطه بعمرة، فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة، فلما طفنا بالبيت، وسعينا بين الصفا والمروة، أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نجعلها عمرة، وأن نحل إلى النساء، فقلنا بيننا: ليس بيننا وبين عرفة إلا خمس، فنخرج إليها ومذاكيرنا تقطر منيا! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأبركم وأصدقكم، ولولا الهدي لأحللت" فقال سراقة بن مالك: أمتعتنا هذه لعامنا هذا، أم لأبد؟ فقال: "لا، بل لأبد الأبد"
في هذا الحديثِ يَقولُ جابرٌ: "أهْلَلْنا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحَجِّ خالِصًا لا يُخالِطُه شيءٌ"، يَعْني: مِنَ العُمْرةِ، "فقَدِمْنا مَكَّةَ لأربَعِ لَيالٍ خَلَونَ" أي: مَضَينَ "مِنْ ذي الحِجَّةِ، فطُفْنا" بالبيتِ "وسَعَيْنا" بينَ الصَّفا والمروَةِ، "ثمَّ أَمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نُحِلَّ"، يَعني مِنَ الإحرامِ، وأَمَرَهم أنْ يَجْعَلوه عُمْرةً، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لَولا هَدْيي لحَلَلْتُ"، يَعْني: لولا أنَّ معي الهدْيَ لكنتُ مُتَمتِّعًا وأنتم لم تَسوقوا الهَدْيَ، فعلَيكم أنْ تُحِلُّوا؛ ولأنَّ صاحِبَ الهَدْيِ لا يتَحلَّلُ حتَّى يَبْلُغَ الهديُ مَحِلَّه، "ثُمَّ قام سُراقةُ بنُ مالكٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ مُتْعَتَنا هذه" والمعنى: أَخْبِرْني يا رسولَ اللهِ عَن فَسْخِنا الحجَّ إلى عُمرتِنا هذه - التي تَمتَّعْنا فيها بالجِماعِ والطِّيبِ واللُّبْسِ - "ألِعامِنا هذا أمْ للأبَدِ"، يعني: مُسْتمِرَّةً في جميعِ الأزمانِ؟ "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بل هي للأبدِ"؛ فبيَّنَ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بقولِه هذا أنَّها مُسْتمرَّةٌ.