باب فضل الحامدين2
سنن ابن ماجه
حدثنا هشام بن خالد الأزرق أبو مروان، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صفية بنت شيبة
عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى ما يحب قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات"، وإذا رأى ما يكره قال: "الحمد لله على كل حال" (2)
المؤمِنُ الحقُّ يَشكُرُ اللهَ على كلِّ حالٍ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ما نَقولُه عندَ رُؤيةِ ما نُحِبُّه أو نَكرَهُه.
وفي هذا الحَديثِ تقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عنها: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إذا رأى ما يُحِبُّ"، أي: عندَ رُؤيتِه لأمرٍ أو شيءٍ يعجِبُه، قال: "الحمدُ للهِ الَّذي بنِعمَتِه تَتِمُّ الصَّالحاتُ"، أي: الأمورُ الَّتي تَصلُحُ بها الدُّنيا والآخِرةُ تَتِمُّ بسبَبِ إنعامِه على عِبادِه؛ وذلك مِن نِسبةِ الفضلِ إلى اللهِ؛ فإنَّه المتفضِّلُ على الحقيقةِ بكلِّ جميلٍ على خَلقِه، "وإذا رأى ما يَكرَهُ قال: الحَمدُ للهِ على كلِّ حالٍ"، وفي هذا حُسنُ أدَبٍ مع اللهِ؛ ففي الأُولى صرَّح بالفضلِ مِن اللهِ، وعِندَ رؤيتِه ما يَكرَهُه تأدَّب فقال: الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ، فله الحمدُ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ؛ فإنَّ المكروهَ في ضِمنِه محبوبٌ يُحْمَدُ اللهُ عليه، وهذا بيانٌ أنَّ شَدائِدَ الدُّنْيا يَلْزَمُ العَبْدَ الشُّكْرُ عَلَيها لِأَنَّها نِعَمٌ بالحَقيقَةِ؛ إذْ هي تُعرِّضُه لِمَنافِعَ عَظيمَةٍ وثوابٍ جزيلٍ وعِوَضٍ كريمٍ في العاقِبَةِ.
وهذا الحديثُ فيه تَربيةٌ نبويَّةٌ، وبيانُ أنَّ الواجبَ على المسلِمِ أن يَصبِرَ على ما قدَّر اللهُ عليه ممَّا يَسُرُّه أو يَسوؤُه؛ لأنَّ الَّذي قدَّره هو اللهُ عزَّ وجلَّ، فإذا كان اللهُ هو الَّذي قدَّر عليك ما تَكرَهُ فلا تَجْزَعْ، بل يَجِبُ على المرءِ الصَّبرُ وألَّا يتَسخَّطَ بقَلبِه أو لسانِه أو جوارحِه.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على شُكرِ اللهِ على نِعَمِه.
وفيه: الإرشادُ إلى الصَّبرِ على الضَّرَّاءِ( ).