باب فضل السجود والترغيب في الإكثار منه
بطاقات دعوية
عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال لقيت ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال قلت بأحب الأعمال إلى الله فسكت ثم سألته فسكت ثم سألته الثالثة فقال سألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة قال معدان ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال ثوبان. (م 2/ 51 - 52)
كان الصَّحابةُ رضِي اللهُ عنه حَريصينَ على سؤالِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والتَّعرُّفِ على مَعالي الأمورِ الَّتي تُدخِلُ الجنَّةَ وتُبعِدُ عن النَّارِ، وكذلك كان التابِعون يَلزَمون ويَسألُون الصَّحابةَ رضِي اللهُ عنهم عمَّا يَنفعُهم في آخِرتِهم، وفي هذا الحَديثِ يقولُ مَعْدانُ بنُ أبي طَلْحةَ: لقيتُ ثوبانَ مولى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقلتُ: "أخبِرْني بعملٍ، أي: من الأعمالِ الصالحةِ، أعمَلُه، أي: يكونُ سببًا أنْ، يُدخِلُني اللهُ به الجنَّةَ، أو قال: قلتُ: بأحَبِّ الأعمالِ إلى اللهِ، فسكَتَ، أي: لم يُجِبْه ثوبانُ، ولم يُخبِره بطلبِه، يقول مَعْدانُ: ثمَّ سألتُه، أي: مرَّةً ثانيةً؛ فسَكَت، ثمَّ سألتُه الثَّالثةَ"، فقال له ثوبانُ: سأَلْتُ عن ذلك رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: عن الذي تَسألُني عنه، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "عليكَ بكثرةِ السُّجودِ للهِ"، أي: الزَمْ كثرةَ السُّجودِ للهِ في الصَّلاةِ، في الفرائضِ والنَّوافِلِ، وهذا السُّجودُ سببٌ لدخولِ الجنَّةِ، "فإنَّك لا تسجُدُ للهِ سجدةً إلَّا رَفَعك اللهُ بها درجةً، وحطَّ عنكَ بها خطيئةً"، أي: إنَّ كلَّ سجدةٍ تسجُدُها للهِ، تكونُ سببًا لغفرانِ الذُّنوبِ، ورفعِ الدَّرجاتِ بالطَّاعاتِ، فيكونُ ذلك سببًا في دخولِكَ الجنَّةَ. قال مَعْدَانُ: ثمَّ لقِيتُ أبا الدَّرداءِ فسألتُه، أي: بمِثْل السُّؤالِ الذي سألتُه لثوبانَ، فقال لي، أي: أبو الدَّرداءِ رضي الله عنه، مِثلَ ما قال لي ثوبانُ، أي: بمِثْل إجابتِه وهي كثرةُ السُّجودِ.
وهذا يدُلُّ على صِدقِ الصَّحابةِ في نَقلِهم عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، حتَّى عند سُؤالِ أكثرَ مِن واحدٍ عن المسألةِ الواحدةِ، فينقُلون نفسَ الخبرِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحديثِ: الحثُّ على كثرةِ السُّجودِ، والتَّرغيبُ فيه وذلك بإطالةِ السُّجودِ وكثرةِ الصَّلاةِ.
وفيه: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ والتَّابعين على السُّؤالِ عن معالي الأمورِ، وما يُدخِلُ الجنَّةَ