باب فضل الفقر2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، خمس مئة عام" (1)
الفَقْرُ مِنَ الأمورِ التي يَهْرُبُ منها الإنسانُ في الدُّنيا، ورُغْمَ ذلك فإنَّ مَنْ صَبَرَ على الفَقْرِ واحْتَسَبَ؛ فإنَّ فيه خيرًا كبيرًا للمُسلِمِ في الآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يَدْخُلُ "فقراءُ المسلمينَ" وَهُمْ مَنْ كانوا في عَوزٍ وحاجَةٍ، فلَمْ يَجِدوا ما يَكْفيهم في الدُّنيا "الجَنَّةَ قَبْلَ أغنيائهِمْ بنِصْفِ يومٍ وهو خَمْسُ مئةِ عامٍ"، أي: يَدْخلونَ الجَنَّةَ قَبْلَ الأغنياءِ بوَقْتٍ طويلٍ؛ ولعلَّ ذلك ليُسرِ حِسابِ الفقراءِ؛ لقِلَّة ما كان عِندَهم في الدُّنيا، أمَّا الأغنياءُ فيَطولُ حِسابُهم على ما كان عِندَهم من متاعِ الدُّنيا، وهذا يَعني البُشرَى للفقراءِ بسرعةِ دُخولِ الجنَّةِ، وحثَّ للأغنياءِ على الاستعدادِ لذلك الموقفِ بتطييبِ مَكاسبِهم، وتحديدُ الوقتِ بأنَّه نِصْفُ يومٍ مِنْ أيامِ يومِ القيامةِ، أي: خَمْسُ مئةِ عامٍ مِنْ أعوامِ الدُّنيا كما في قولِهِ تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]، أمَّا قولُه تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]؛ فالمُرادُ بذلك: يومُ القيامةِ على الأخصِّ يُطوِّلُهُ اللهُ فيكونُ كذلك، وإلَّا فاليومُ عِنْدَ اللهِ كألَفِ سَنَةٍ، وقيل: المُرادُ في الجَميعِ: يومُ القيامةِ، والاخْتِلافُ يكونُ بحسَبِ حالِ المؤمنِ والكافِرِ.
وفيه: فَضيلةُ فُقراءِ المسلِمينَ.