باب فى الجنب يصافح
بطاقات دعوية
حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، وبشر، عن حميد، عن بكر، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وأنا جنب، فاختنست فذهبت فاغتسلت، ثم جئت فقال: «أين كنت يا أبا هريرة؟» قال: قلت: إني كنت جنبا فكرهت أن أجالسك على غير طهارة. فقال: «سبحان الله، إن المسلم لا ينجس» وقال في حديث بشر، حدثنا حميد، حدثني بكر
كان الصحابة رضي الله عنهم يحبون أن يظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم في أكمل هيئة لهم بما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم من حسن نظافة الظاهر والباطن، وفي ذلك يخبر أبو هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في طريق من طرق المدينة وهو جنب"، أي: كانت به جنابة، وهي تطلق على كل من أنزل المني من احتلام أو جماع؛ وسميت بذلك لاجتناب صاحبها الصلاة والعبادات حتى يطهر منها
قال: "فانسل عنه"، أي: ذهب أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في خفية دون الكلام معه، أو التسليم عليه، "فاغتسل"، أي: تطهر ورفع جنابته، "ففقده النبي صلى الله عليه وسلم"، أي: شعر النبي صلى الله عليه وسلم بفقد أبي هريرة بعدما أبصره، ولم يعلم سبب ذهابه على غير العادة من الصحابة رضي الله عنهم في استئذانهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل الانصراف عنه، "فلما جاء"، أي: أتى أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد غسله، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أين كنت يا أبا هريرة؟"، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: "يا رسول الله، إنك لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل"، وإنما فعل أبو هريرة هذا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا لقي أحدا من أصحابه ماسحه ودعا له، فظن أنه يفعل معه ذلك، وهو على غير طهارة في ظنه، "فقال" صلى الله عليه وسلم تعجبا من خفاء هذا الحكم عليه: "سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس"، أي: لا يصير نجسا بما يصيبه من الحدث أو الجنابة، والحاصل: أن الحدث ليس بنجاسة، فيمنع عن المصاحبة، وإنما الحدث فقط يمنع من الأمور التعبدية، فيمنع عما جعل مانعا منه، ولا يقاس عليه غيره، والمراد: أن عدم طهارة المسلم حكمي، وليس حقيقيا
وفي الحديث: بيان أصل عظيم، وهو طهارة المسلم حيا وميتا