باب فى الجنب يصلى بالقوم وهو ناس

بطاقات دعوية

باب فى الجنب يصلى بالقوم وهو ناس

حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، بإسناده ومعناه وقال: في أوله: «فكبر». وقال في آخره: " فلما قضى الصلاة قال: «إنما أنا بشر، وإني كنت جنبا». قال أبو داود: رواه الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: " فلما قام في مصلاه، وانتظرنا أن يكبر انصرف، ثم قال: «كما أنتم». قال أبو داود: ورواه أيوب، وابن عون، وهشام، عن محمد مرسلا، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «فكبر ثم أومأ بيده إلى القوم أن اجلسوا، فذهب فاغتسل». وكذلك رواه مالك، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عطاء بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كبر في صلاة». قال أبو داود: وكذلك حدثناه مسلم بن إبراهيم، حدثنا أبان، عن يحيى، عن الربيع بن محمد، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كبر»

صفة الصلاة توقيفية بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته قولا وعملا، وقد حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة دقائق أفعاله صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها، ونقل ذلك إلينا

وفي هذا الحديث بيان لدعاء الاستفتاح الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام، يبتدئ به صلاته، فيروي أبو هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يسكت إسكاتة أو هنية، وهي المدة اليسيرة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقول دعاء الاستفتاح في أثناء ذلك، وقد سأله أبو هريرة رضي الله عنه فقال له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أي: أفديك بأبي وأمي، ما تقول في هذه المدة التي تسكت فيها؟ فذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء الاستفتاح، وأنه صلى الله عليه وسلم يبدأ الدعاء بقوله: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب» فإذا قدر لي ذنب فباعد بيني وبينه، كإبعادك بين المشرق والمغرب، هذا إن أريد بالذنوب الذنوب المستقبلة، أما لو أريد بالذنوب الذنوب الماضية فيكون معنى المباعدة: المحو والغفران. ووجه الشبه أن التقاء المشرق والمغرب لما كان مستحيلا، شبه أن يكون اقترابه من الذنب كاقتراب المشرق والمغرب. ثم يقول صلى الله عليه وسلم: «اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس»، ومعناه: اللهم طهرني من ذنوبي كما يطهر الثوب الأبيض من الأوساخ، وإنما شبهه به؛ لأن الوسخ والدنس يظهر في الثوب الأبيض أكثر من غيره من الألوان، وكذلك يظهر في الأبيض أثر الغسل أكثر من غيره من الألوان. ثم يقول صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد»، أي: اللهم طهرني من كل ما اقترفته بكل أنواع المطهرات؛ كالماء والثلج والبرد، وهو الحب من الغمام، وهذه أمثال لم يرد بها أعيان هذه المسميات، وإنما أراد بها التوكيد في التطهير من الخطايا، والمبالغة في محوها عنه.وكل هذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم بغفران الذنوب والخطايا مع أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولكنه كان من باب الشكر لله عز وجل، وتعليما لأمته.وقد وردت صيغ أخرى لدعاء الاستفتاح؛ منها ما رواه أبو داود في السنن عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك». وورد مثله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صحيح مسلم. ومنها: ما رواه البيهقي عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين»، وغير ذلك.والأفضل أن يتتبع المرء الاستفتاحات الواردة والثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي بهذا مرة، وهذه مرة؛ وذلك ليأتي بالسنن كلها، وفي ذلك إحياء للسنة، ولأنه أحضر للقلب؛ لأن الإنسان إذا التزم شيئا معينا صار عادة له

وفي الحديث: الإسرار بدعاء الاستفتاح